إبقاء السلاح الكامل للبنانيين. (4)
تخفيف الإعانة. (5)
رفع الاحتكار عن الصابون؛ لأنه كان للأمير «مصبنة» في دير القمر، وكان عماله في البلاد يعاقبون ويغرمون من يشتري الصابون من غيرها.
وأرسلت هذه الشروط إلى بحري بك - معتمد الدولة المصرية - فشكر ووعد، وكان على أثر ذلك مد وجزر في خضم السياسة؛ إبراهيم باشا من جهة والدول من جهة، فجرف التيار أمير لبنان فترك عرينه في العاشر من تشرين الأول سنة 1840 وغادره معه أولاده الثلاثة، وزوجته، ومدبره، ومعه ماله وكنوزه. قال المؤرخون إن خزنة الأمير كانت 18000 كيس من النقود الذهبية القديمة.
وبعد خروج الأسد من عرينه نهبت سراي بتدين، ونزل الشيخ ناصيف بعياله إلى بيروت، وهناك انقطع إلى المطالعة والتأليف والتدريس ومراسلة الشعراء؛ يمدحهم ويمدحونه. شاع هذا الصنف من بضاعة الأدب لأن الشعراء لم يجدوا من يمدحونه، كما قلنا في غير هذا المقام، ومن شاء نموذجا من هذا النوع فليفتش عن الجزء الثالث والرابع من منتخبات الجوائب، إذا تعذرت عليه مطالعة دواوين شعراء القرن التاسع عشر كلها.
وكان لانقضاء عهد الأمير - كما كان لوجوده - فضل على الأدب العربي في لبنان؛ إذ استراح الشيخ ناصيف من مشاكل الديوان ومشاغله، فانصرف إلى التأليف طابعا على غرار القدماء، فدنا من الحريري في مقاماته، وضارع ابن مالك في أرجوزته «نار القرى»، ولم يعف من نظمه الطب والبيان والمنطق ... فكان لنا منه شاعر يخوض وسط المعمعة ... ولا يقصر في جميع الميادين.
أجل كان شيخنا دلال القريض؛ فخاض سوقه وشرى وباع ... فها هو قابع في بيروت يرسل عرائس الشعراء بشرا بين يدي رحمته ... تهمي ديمته على هذا الباشا، ويسح وابله على ذاك الوالي، ثم لا يبخل بهذه الدرر على قائمقام أو شاعر أو أديب أو وجيه ففي مخزنه بضاعة لكل بندر ترضي أنانية محبي الثناء. وهو في كل هذا المنظوم راض عن نفسه، يرسل الشعر سهلا هينا لينا فيدخل الآذان بلا استئذان.
ولم ينس ناصيف أميره المالطي؛
11
فأرسل إليه قصيدة ننقل بعضها؛ لنري القارئ نموذجا من شعر الشاعر المدحي:
Unknown page