إن كنت لا تبغي لنفسك راحة
فأرح مطيك والدنى وبنيها
وتعب فرح الشرقي في ميدان الدولار؛ لأن صوفيته الشرقية حالت دون ذلك، وهاك مقطعا من خطابه أمام شلال نياغرا، فهو يدلك بعض الدلالة على روحية أديبنا، وسبب إخفاقه:
قد غيروا أرضك ومن عليها أيها الشيخ، وهم يظنون أنهم جملوها، وما جمالهم إلا كجمال المرأة الدميمة؛ زخرف خارجي، وطلاء سطحي، حك هذا الطلاء قليلا تجد تحته جيفة منتنة. كنت أجمل منك اليوم حين كان شاطئاك ملجأ للمتوحشين، ومعتركا للنمور والأسود، وملعبا للذئاب والتماسيح، ومرقصا للدببة والقردة.
كان يومئذ جمالك وحشيا طبيعيا، يقشعر له جلد التصور، ويرتد عنه طرف الخيال مذعورا.
كان يومئذ جمالك جمالا حقيقيا، أما اليوم فقد أسروك كما تؤسر الأسود في الأقفاص، وتجعل فرجة للناس، قد أصبح شاطئاك مرتعا لذئاب ونمورة ودببة وقردة من جنس جديد، لها طباع تلك، ولكنها تمشي على قائمتين: إن روحا مادية هائلة هبت على العالمين فضعضعت المبادئ، وزعزعت الشرائع، وسحقت الأديان والآداب، وساقت الناس بعصا الحاجة الحديدية إلى مبادئ هائلة، جعلتهم ذئابا هائلة، تتعادى وتتسلح تأهبا لاقتتال أفظع من اقتتال الذئاب، والشعوب يأكل في داخلها كبيرها صغيرها، وقويها ضعيفها، كما تفعل أسماكك، والكمال للدولار وحده.
Unknown page