Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
ألف حزبا ضد البطريرك مرتيريوس (459-469) وأحدث قلاقل، فاستقال مرتيريوس، وحل القصار محله بطريركا وأيد أوطيخة وأحدث زيادة في التسبيح وعلم هكذا: قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الذي لا يموت، «الذي صلب من أجلنا» ارحمنا، ومن السنة (481-485) تولى كلنذيون الكرسي البطريركي في أنطاكية، وجمع مجمعا محليا رجع فيه إلى تأييد قرارات خلقيدونية.
وهكذا دخلت الكنيسة في دور من الفوضى كثرت فيه سيامة الأساقفة زوجا زوجا أرثوذكسيين ومونوفيسيين في وقت واحد، ومدت الأيدي إلى الكراسي لخلع هذا وتنصيب ذاك، وكان من أهم أسباب هذه الفوضى سعي الأباطرة لاسترضاء المونوفيسيين في مصر وسورية لكثرة عددهم ولضعف هيبة السلطة المركزية؛ إذ أحرجتها مشاغل أخرى، وظلت الحال على هذا المنوال حتى ظهرت كنيسة مونوفيسية مستقلة في مصر، وكنيسة مثلها في سورية، وأخرى في أرمينية.
أنسطاسيوس الأول (491-518)
وكان زينون قد سعى سعيا حثيثا لإجلاس أخيه لونجينوس على العرش بعده، ولكن زوجته أرياذنة الإمبراطورة لم تر في لونجينوس الكفاءة اللازمة، فانتقت أنسطاسيوس الورع ورفعته إلى منصة الحكم، وكان أنسطاسيوس في الحادية والستين من العمر، قد قضى شطرا وافرا من حياته في القصر معاونا في التشريفات،
4
وله شهرة في الورع والتقوى ودماثة الخلق. وعلى الرغم من ميله إلى القول بالطبيعة الواحدة فإن الشعب قابل ارتقاءه بالهتاف: «ليكن عهدك في الحكم كعهد مرقيانوس وكسيرتك في حياتك الشخصية.» واشترط البطريرك أوفيميوس العاقل ألا يحيد الإمبراطور عن العقيدة الأرثوذكسية وأن يكتب قبل التتويج تعهدا بذلك، ففعل وتقبل تاجه من يد البطريرك.
وتبين له فورا، بعد جلوسه على العرش، أن الشعب لم يكن راضيا عن سلوك الإسوريين رجال زينون في العاصمة، وأن هؤلاء كانوا ينسجون مؤامرة عليه، فعزلهم عن مراكزهم العالية وصادر أملاكهم، وأقصاهم في خارج العاصمة، فثار ثائرهم في بلادهم في غربي آسية الصغرى، واضطر أنسطاسيوس أن يلجأ إلى القوة فحاربهم ست سنوات متواصلة إلى أن أخضعهم، ثم نقلهم إلى تراقية (498).
وكانت قد ظهرت طلائع القبائل البلغارية تتبعها قبائل الصقالبة، وبعض هؤلاء كان قد دخل في خدمة الدولة، فلم يكن بد من الاصطدام واستعمال القوة، واندفع الصقالبة فبلغوا إلى ثسالية في السنة 517، فرأى أنسطاسيوس أن يوسع النطاق العسكري حول العاصمة، فأنشأ سورا جديدا امتد من بحر مرمرة حتى البحر الأسود مسافة ثمانية وسبعين كيلومترا، فسمي السور الطويل، كما سمي سور أنسطاسيوس.
ولم يرض أنسطاسيوس عن ثيودوريكوس، ولم يعترف بحكمه على إيطالية قبل السنة 497، وفي السنة 505 تدخل ثيودوريكوس في شئون البلقان وعاون فريقا من البرابرة على فريق، فأرسل أنسطاسيوس في السنة 508 أسطولا إلى مياه إيطاليا للمشاغبة والتخريب، ورأى أن كلوفيس ملك الإفرنج هو عدو ثيودوريكوس، فأنعم عليه بلقب قنصل، فوجد ثيودوريكوس أن ليس من الحكمة أن يمضي في تحدي الإمبراطور، فأظهر لينا وتم بينهما اتفاق ، ولكن على مضض وقلب عكر.
الحرب الفارسية (502-506)
Unknown page