Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genres
قسطنديوس الثاني ويوليانوس الجاحد
337-363
قسطنديوس (337-361)
وتوفي قسطنطين الكبير عن ذكور ثلاثة جميعهم من زوجته فاوسطة بنت الإمبراطور مكسيميانوس، وهم: قسطنطين الثاني وقسطنديوس الثاني وقسطنس، وحكم الثلاثة الإمبراطورية معا، فتولى قسطنطين الثاني الغرب: إيطالية وغالية وإسبانية وقسما من أفريقيا. وتولى قسطنديوس الثاني الشرق بأكمله. أما قسطنس فإنه حكم إيليرية وقسما من أفريقيا، وطمع قسطنطين الثاني في ملك قسطنس فحاربه ولكنه خر صريعا في أكويلية سنة 340، ثم تمرد الجند على قسطنس وقتلوه في السنة 350، فأصبح قسطنديوس الثاني المالك وحده، وكان رجلا عاقرا لا وارث له، فاستدعى ابن عمه غالوس من منفاه ورفعه إلى رتبة قيصر وأمره على برايفكتورة الشرق وجعل مقره أنطاكية، ولكن غالوس هذا كان جافي الطبع فظ القلب قليل الرحمة، فطغى وتجبر وأرهب الناس إرهابا، فاستدعاه ابن عمه الإمبراطور إليه في إيطالية في السنة 353، وحاكمه وأمر بقطع رأسه، وعندئذ طلب ابن عمه الأصغر يوليانوس وجعله قيصرا على غالية.
شابور ذو الأكتاف
1
وتوفي هرمز الثاني ابن نرسي في السنة 309 بعد الميلاد وأوصى بالملك لشابور ابنه وهو لا يزال جنينا، فدام السلم بين فارس وبين رومة زمنا طويلا، وشب شابور الثاني وتسلم أزمة الحكم، فهاله انتشار النصرانية وعطف قسطنطين عليها؛ خصوصا لأنها كانت قد انتشرت بين رعاياه في بابل وطيسفون وجند شابور وآشور وغيرها. ولأن تيريداتس الثالث ملك الأرمن كان قد تقبلها في السنة 301، فتطورت الخصومة بين شابور وزميله الروماني وأصبح النزاع بينهما نزاع عقائد بعد أن كان نزاعا ماديا استراتيجيا - كما سبق أن أشرنا - وهكذا، فإننا نرى شابور يعقد مجمعا زرادشتيا يضم أئمة الدين الفارسي في السنة نفسها التي عقد فيها قسطنطين الكبير المجمع المسكوني الأول، فيقر نصا رسميا نهائيا لكتاب الفستا، ونراه ينزل بنصارى بلاده بين السنة 340 والسنة 379 اضطهادات قاسية واسعة النطاق لأنهم دانوا بدين قيصر وشاطروه المحبة والعطف والولاء.
2
وكادت الحرب تقع قبيل وفاة قسطنطين الكبير في السنة 337 - كما سبق أن أشرنا - فقطع ذو الأكتاف الحدود في السنة 338، وحاصر نصيبين، ثم عاد إليها في السنة 346، وفي السنة 348 جرت موقعة ليلية في منطقة سنجار، وفي السنة 350 طلب ذو الأكتاف تغرانوس السابع ملك أرمينية للمفاوضة، فأسره ومضى به إلى بلاده. ويقال إنه سمل عينيه؛ لأنه كان نصرانيا مثل سلفه. وفي السنة نفسها مشى ذو الأكتاف إلى نصيبين للمرة الثالثة وشارف أسوارها مستعينا بالفيلة التي استقدمها من الهند، ولكنه أخفق مرة أخرى وارتد على أعقابه لدرء خطر الشينيين الذين تدفقوا على فارس من الشمال والشرق.
وفي السنة 355 جدد ملك أرمينية أرشاك الثالث (351-367) التحالف الروماني الأرمني، وتزوج من أوليمبياس خطيبة قسطنس السابقة، فأقض ذلك مضجع شابور الثاني ذي الأكتاف واستفزه للحرب؛ وخصوصا لأن عامله في بابل كان قد جرأه بما بالغ له في تصوير المشاكل التي كان يعانيها قسطنديوس الإمبراطور في الغرب، وعبر شابور دجلة في جيش عظيم في السنة 358 فتجاوز نصيبين هذه المرة ولم يحاصرها بل زحف على آمد «ديار بكر» فأخذها عنوة بعد حصار دام شهرين. وكان قسطنديوس لا يزال في سيرميوم في إيليرية يعالج بعض المشاكل الدينية المسيحية، ولا سيما علاقة الآب بالابن، فقام منها إلى القسطنطينية وبقي فيها طوال شتاء السنة 359-360.
Unknown page