ثالثًا: طريقته في الحكم على الأحاديث:
لم يجعل ابن عاشور تخريج الأحاديث والآثار شرطًا في كتابه، ومع ذلك نجده كثيرًا ما يخرج الروايات، مبينًا صحيحها من ضعيفها، فيتعقب الروايات الضعيفة، ويحذر من الروايات الموضوعة مبينًا خطورتها على التفسير.
ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (١)، وفيها قال ابن عاشور: " وهذه الآية تعمّ جميع الأبرار وعلى ذلك التحم نسجها، وقد تلقَّفَها القصاصون والدعاة فوضعوا لها قصصًا مختلفة، وجاءوا بأخبار موضوعة وأبيات مصنوعة، فمنهم من زعم أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب وفاطمة ﵄ في قصة طويلة ذكرها الثعلبي والنقاش، وساقها القرطبي بطولها ثم زيفها، وذكر عن الحكيم الترمذي أنه قال في «نوادر الأصول»: هذا حديث مروّق مزيف، وأنه يشبه أن يكون من أحاديث أهل السجون.
وقيل نزلت في مُطعم بن ورقاء الأنصاري، وقيل في رجل غيره من الأنصار، وقد استوفى ذلك كله القرطبي في تفسيره فلا طائل تحت اجتلابه، وأصحاب رسول الله ﷺ وآله أهلٌ لأن ينزل القرآن فيهم إلاّ أن هذه الأخبار ضعيفة أو موضوعة " (٢).