146

Rules in Worship Monotheism

القواعد في توحيد العبادة

Publisher

دار الأماجد للطباعة والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Publisher Location

الرياض

Genres

ولذا قال ﵇ لأصحابه: "إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا" (^١). ووصفه ربه ﵎ بالحرص على المؤمنين فقال سبحانه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)﴾ [التوبة: ١٢٨]، ومما يظهر ذلك الحرص معاناته ﷺ وتحمله للمشاق العظام، التي لم يتحملها بشر في سبيل إيضاح هذا الدين تمام الإيضاح بحيث لا يفهم أحد من أصحابه شيئًا من الدين خلاف مراد الله ورسوله ﷺ. وأنزل الله عليه آيات عديدة تسلية له من الحزن والألم، والضيق الذي أَلَمَّ به بسبب كفر قومه وإعراضهم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٨)﴾ [فاطر: ٨]، وقوله: ﴿إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧)﴾ [النحل: ٣٧]، وغيرها من الآيات، وما ذاك إلا لشدة حرصه، وكمال نصحه، وشفقته على أمته ﷺ أن تعتقد أمته شيئًا يبغضه الله ورسوله. يقول الإمام ابن تيمية: "والرسول ﷺ أعلم الخلق بالحق، وأقدر الناس على بيان الحق، وأنصح الخلق للخلق، وهذا يوجب أن يكون بيانه للحق أكمل من بيان كل أحد" (^٢). ويقول ﵀ أيضًا: "وقد أوجب الله عليه البلاغ المبين، وأنزل عليه الكتاب ليبين للناس ما نُزِّلَ إليهم، فلا بد أن يكون بيانه، وخطابه، وكلامه أكمل وأتم من بيان غيره، فكيف يكون مع هذا لم يبين الحق، بل بيَّنه من قامت الأدلة الكثيرة على جهله، ونقص علمه وعقله" (^٣).

(^١) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب: قول النبي ﷺ: "أنا أعلمكم بالله" (١/ ١٦) برقم (٢٠). (^٢) درء التعارض (١/ ٢٣٣). (^٣) المصدر نفسه (١/ ٢٤).

1 / 145