Rules and Benefits in Commanding the Good and Forbidding the Evil from the Words of Sheikh al-Islam Ibn Taymiyyah
قواعد وفوائد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
Genres
قواعد وفوائد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀
د. عبدالمجيد بن محمد الوعلان
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي أرسل رسله بالبينات، وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز﴾، وختمهم بمحمد ﷺ، الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأيده بالسلطان النصير الجامع معنى العلم والقلم للهداية والحجة، ومعنى القدرة والسيف للنصرة والتعزيز، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له، شهادة خالصة خلاص الذهب الإبريز، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﷺ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، شهادة يكون صاحبها في حرز حريز (^١)، أما بعد:
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادة مهمة لها شأنها في الإسلام، وهي مثل سائر العبادات لها شروطها وآدابها وضوابطها.
قال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل ﵀: " فلا يخفى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم دعائم الدين، وبه قوائم شؤون المسلمين، فهو واجب باليد واللسان والجنان، حسب الاستطاعة والإمكان، وإن له شروطًا وآدابًا ومكملات، ذكرها أهل العلم وأوضحوها في مصنفاتهم.
ونظرًا لأن الناس في هذه الأزمان تشتت آراؤهم، وتباعدت أنظارهم، وتغيرت عاداتهم؛ فكل فئة تتصرف في شؤون حياتها حسبما يتهيأ لها، سواء وافق الشرع أو خالفه! .
وكلما أحدث الناس أمورًا هيّأ الله من طلبة العلم من يوضح لهم طرق الخروج منها وإنكارها على اختلاف أعراف الناس وعوائدهم، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " إن الأمر بالمعروف يحتاج إلى ثلاث دعائم: إحداها: قَبله، والثانية: معه، والثالثة: بعده، وهي العلم والرفق والحلم، فالعلم أولًا قبل العمل، والرفق حال العمل، والحلم بعد العمل" (^٢).
_________
(^١) مقدمة السياسة الشرعية: ٣ - ٤.
(^٢) مقدمة معالي الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل ﵀ لرسالة معالم في طريق الاحتساب للشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان، ط ١: ٤.
1 / 2
ولما كان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- قد ذكرا كثيرا من تلك القواعد والفوائد وخصوصا - فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر-، في كتبه ورسائله ومنها:
- السياسة (^١) الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (^٢).
- مسألة الحسبة أو قاعدة في الحسبة (^٣).
- فصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كتاب الاستقامة (^٤).
قمت باستخراج بعض هذه القواعد والفوائد، أسأل الله ﷿ أن ينفع بها، وأن يجعلها خالصة لوجه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
د. عبد المجيد بن محمد الوعلان
Awalaan@gmail.com
_________
(^١) قال الشيح محمد بن عثيمين عن كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية: " ينبغي لكل مسؤول في أي مصلحة أن يقرأه وأن يعتبر بما فيه لأنه مفيد جدًا ". انظر: التعليق على كتاب السياسة الشرعية للشيح محمد بن عثيمين، دار مدار الوطن، ط ١: ٤.
(^٢) الطبعة الأولى لدار عالم الفوائد، تحقيق: علي بن محمد العمران.
(^٣) الطبعة الأولى لدار إيلاف، تحقيق: محمد الحمود النجدي، وضمن مجموع الفتاوى المجلد الثامن والعشرون: ٦٠ - ١٢٠. وهو محقق رسالة ماجستير بالمعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجامعة أم القرى، للشيخ فؤاد بن سعود العمري - غير مطبوع-.
(^٤) الطبعة الأولى لجامعة الإمام، تحقيق: د. محمد رشاد سالم: ٢/ ١٩٨ - ٣١١، وهو المطبوع باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحقيق: فواز أحمد زمرلي، مؤسسة الرسالة، ط ١. وضمن مجموع الفتاوى المجلد الثامن والعشرون: ١٢١ - ١٧٨.
1 / 3
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الدين:
قال شيخ الإسلام ﵀: " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي أنزل الله به كتبه، وأرسل به رسله، وهو من الدين" (^١).
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من أوجب الأعمال وأفضلها وأحسنها:
قال ﵀: " وتحقيق ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من أوجب الأعمال وأفضلها وأحسنها وقد قال تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾، وهو كما قال الفضيل بن عياض ﵀: أخلصه وأصوبه؛ فإن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة" (^٢).
- جماع الدين وجميع الولايات هو أمر ونهي:
قال ﵀: " وإذا كان جماع الدين وجميع الولايات هو أمر ونهي، فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي والمؤمنين، كما قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾.
وهذا واجب على كل مسلم قادر، وهو فرض على الكفاية ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره، والقدرة هي السلطان والولاية، فذوو السلطان أقدر من غيرهم، وعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم، فإن مناط الوجوب هو القدرة؛ فيجب على كل إنسان بحسب قدرته، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.
وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى، مثل: نيابة السلطنة، والصغرى مثل: ولاية الشرطة، وولاية الحكم، أو ولاية المال وهي ولاية الدواوين المالية وولاية الحسبة" (^٣).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ١٩٩.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(^٣) قاعدة في الحسبة، ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٦.
1 / 4
- كمال الرسالة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال ﵀: " وقوله سبحانه في صفة نبينا ﷺ: ﴿يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ﴾ هو لبيان كمال رسالته؛ فإنه ﷺ هو الذي أمر الله على لسانه بكل معروف، ونهى عن كل منكر، وأحل كل طيب، وحرم كل خبيث، ولهذا روي عنه ﷺ أنه قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وقال في الحديث المتفق عليه: «إنما مثلى ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة، فكان الناس يطيفون بها ويعجبون من حسنها ويقولون: لولا موضع اللبنة، فأنا تلك اللبنة»، فبه أكمل الله الدين المتضمن للأمر بكل معروف، والنهي عن كل منكر، وإحلال كل طيب، وتحريم كل خبيث" (^١).
- هذه الأمة أكمل الأمم:
قال ﵀: " هذه الأمة خير الأمم للناس، فهم أنفعهم لهم وأعظمهم أحسانا إليهم؛ لأنهم كملوا أمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر من جهة الصفة والقدر، حيث أمروا بكل معروف ونهوا عن كل منكر لكل أحد، وأقاموا ذلك بالجهاد في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم، وهذا كمال النفع للخلق وسائر الأمم، لم يأمروا كل أحد بكل معروف ولا نهوا كل أحد عن كل منكر ولا جاهدوا على ذلك" (^٢).
من يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- كل أحد لا بد له من أمر ونهي، ولا بد أن يأمر وينهى:
قال ﵀: " وكل بشر على وجه الأرض فلا بد له من أمر ونهي، ولا بد أن يأمر وينهى؛ حتى لو أنه وحده لكأن يأمر نفسه وينهاها: إما بمعروف، وإما بمنكر، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ " (^٣).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٠٠ - ٢٠١.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(^٣) الاستقامة: ٢/ ٢٩٢.
1 / 5
- كل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر
قال ﵀: " وكل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر، فالتعاون على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم، ولهذا يقال: الإنسان مدني بالطبع، فإذا اجتمعوا فلا بد لهم من أمور يفعلونها يجتلبون بها المصلحة، وأمور يجتنبونها لما فيها من المفسدة، ويكونون مطيعين للآمر بتلك المقاصد، والناهي عن تلك المفاسد، فجميع بني آدم لا بد لهم من طاعة آمر وناه" (^١).
- إذا كان لا بد من طاعة آمر وناه فطاعة الله ورسوله خير:
قال ﵀: " وإذا كان لا بد من طاعة آمر وناه فمعلوم أن دخول المرء في طاعة الله ورسوله خير له" (^٢).
- قيام ولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال ﵀: " ويجب على أولى الأمر - وهم علماء كل طائفة وأمراؤها ومشايخها- أن يقوموا على عامتهم ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فيأمرونهم بما أمر الله به ورسوله، مثل شرائع الإسلام، وهي الصلوات الخمس في مواقيتها، وكذلك الصدقات المشروعة، والصوم المشروع، وحج البيت الحرام، ومثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، ومثل الإحسان: وهو أن تبعد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ومثل ما أمر الله به ورسوله من الأمور الباطنة والظاهرة، ومثل إخلاص الدين لله، والتوكل على الله، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، والرجاء لرحمة الله، والخشية من عذابه، والصبر لحكم الله، والتسليم لأمر الله، ومثل صدق الحديث والوفاء بالعهود وأداء الأمانات إلى أهلها، وبر الوالدين وصلة الأرحام، والتعاون على البر والتقوى، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والصاحب والزوجة والمملوك، والعدل في المقال والفعال، ثم الندب إلى مكارم الأخلاق، مثل: أن تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عن ظلمك.
_________
(^١) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٢.
(^٢) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٣.
1 / 6
ومن الأمر بالمعروف كذلك الأمر بالائتلاف والاجتماع، والنهي عن الاختلاف والفرقة وغير ذلك، وأما المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله فأعظمه الشرك بالله، وهو أن يدعو مع الله إلها آخر كالشمس والقمر والكواكب أو كملك من الملائكة أو نبي من الأنبياء أو رجل من الصالحين أو أحد من الجن أو تماثيل هؤلاء أو قبورهم أو غير ذلك مما يدعى من دون الله تعالى، أو يستغاث به، أو يسجد له، فكل هذا وأشباهه من الشرك الذي حرمه الله على لسان جميع رسله، ومن المنكر كل ما حرمه الله، كقتل النفس بغير الحق، وأكل أموال الناس بالباطل بالغصب أو بالربا أو الميسر والبيوع والمعاملات التي نهى عنها رسول الله ﷺ، وكذلك قطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، وتطفيف المكيال، والميزان والإثم والبغي، وكذلك العبادات المبتدعة التي لم يشرعها الله ورسوله ﷺ وغير ذلك" (^١).
ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- التعلل بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطلب السلامة من الفتنة:
قال ﵀: " وقال: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُون﴾، ولما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يتعرض به المرء للفتنة صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة، كما قال تعالى عن المنافقين: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾، وقد ذكروا في التفسير أنها نزلت في الجد بن قيس لما أمره النبي ﷺ بالتجهز لغزو الروم، وأظن أن رسول الله ﷺ قال له: «هل لك في نساء بني الأصفر؟ فقال يا رسول الله: إني رجل لا أصبر على النساء، وإني أخاف الفتنة بنساء بني الأصفر فأذن لي ولا تفتني»، وهذا الجد هو الذي تخلف عن بيعة الرضوان تحت الشجرة، واستتر بجمل أحمر، وجاء فيه الحديث: «أن كلهم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر»، فأنزل الله تعالى فيه: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾، يقول: إنه طلب القعود ليسلم من فتنة النساء فلا يفتتن بهن فيحتاج إلى الاحتراز من المحظور ومجاهدة نفسه عنه فيتعذب بذلك أو يواقعه فيأثم؛ فإن من رأى الصور الجميلة وأحبها فإن لم يتمكن منها إما لتحريم الشارع وإما للعجز عنها تعذب قلبه، وإن قدر عليها وفعل المحظور هلك، وفي الحلال من ذلك من معالجة النساء ما فيه بلاء، فهذا وجه قوله: ﴿وَلا تَفْتِنِّي﴾، قال الله تعالى: ﴿أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾، يقول: إن نفس إعراضه عن الجهاد الواجب، ونكوله عنه، وضعف إيمانه، ومرض قلبه الذي زين له ترك الجهاد فتنة عظيمة قد سقط فيها؛ فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد أصابته! والله تعالى يقول: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾، فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة فهو في الفتنة ساقط بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده وتركه ما أمر الله به من الجهاد، فتدبر هذا! فإن هذا مقام خطر، والناس فيه على قسمين: قسم يأمرون وينهون ويقاتلون طلبا لإزالة الفتنة زعموا، ويكون فعلهم ذلك أعظم فتنة كالمقتتلين في الفتن الواقعة بين الأمة مثل الخوارج، وأقوام ينكلون عن الأمر والنهي والقتال الذي يكون به الدين كله لله وتكون كلمة الله هي العليا لئلا يفتنوا وهم قد سقطوا في الفتنة" (^٢).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٠٩ - ٢١٠.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٩٠٢٨٧ - .
1 / 7
- صلاح العباد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال ﵀: " صلاح العباد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن صلاح المعاش والعباد في طاعة الله ورسوله، ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، قال الله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾، وقال تعالى عن بني إسرائيل: ﴿كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُون﴾، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون﴾ " (^١).
- الأصل في هذه القواعد الكتاب والسنة:
قال ﵀ في بيان الأصل الذي بنيت عليه هذه الرسالة - السياسة الشرعية: " وهذه رسالة مبنية على آية الأمراء في كتاب الله وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾ " (^٢).
وقال أيضا ﵀ في بيان الأصول الثلاثة التي تستمد منه هذه الأصول: " كتاب الله، وسنه رسوله ﷺ وحبله المتين" (^٣).
_________
(^١) السياسة الشرعية: ٩٤ - ٩٥.
(^٢) السياسة الشرعية: ٥.
(^٣) السياسة الشرعية: ٣٩.
1 / 8
- الأصل في المعاملات والعبادات:
قال ﵀: " والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه، كما لا يشرع لهم من العبادات التي يتقربون بها إلى الله، إلا ما دل الكتاب والسنة على شرعه؛ إذ الدين ما شرعه الله، والحرام ما حرمه الله؛ بخلاف الذين ذمهم الله، حيث حرموا من دين الله ما لم يحرمه الله، وأشركوا به ما لم ينزل به سلطانا، وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، اللهم وفقنا لأن نجعل الحلال ما حللته، والحرام ما حرمته، والدين ما شرعته" (^١).
- الإجماع حجة، ومن أدلته قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾:
قال ﵀: " ولهذا كان إجماع هذه الأمة حجة لأن الله قد أخبر انهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر فلو اتفقوا على إباحة محرم أو إسقاط واجب أو تحريم حلال أو إخبار عن الله أو خلقه بباطل لكانوا متصفين بالأمر بمنكر والنهي عن معروف، والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ليس من الكلم الطيب والعمل الصالح؛ بل الآية (^٢) تقتضي أن ما لم تأمر به الأمة فليس من المعروف، وما لم تنه عنه فليس من المنكر، وإذا كانت آمرة بكل معروف ناهية عن كل منكر؛ فكيف يجوز أن تأمر كلها بمنكر، أو تنهي كلها عن معروف، والله ﷾ كما أخبر بأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فقد أوجب ذلك على الكفاية منها بقوله: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ " (^٣).
-
_________
(^١) السياسة الشرعية: ٢٢٠.
(^٢) وهي قوله: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾.
(^٣) الاستقامة: ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨.
1 / 9
المحمود ما حمده الله ورسوله:
قال ﵀: " والفرقان أن يحمد من ذلك ما حمده الله ورسوله؛ فإن الله تعالى هو الذى حمده زين وذمه شين دون غيره من الشعراء والخطباء وغيرهم، ولهذا لما قال القائل من بني تميم للنبي ﷺ: "إن حمدي زين، وذمي شين، قال له: «ذاك الله»، والله سبحانه حمد الشجاعة والسماحة في سبيله، كما في الصحيح عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: قيل يا رسول الله: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، وقال: قال سبحانه: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾، وذلك أن هذا هو المقصود الذي خلق الله الخلق له، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُون﴾، فكل ما كان لأجل الغاية التي خلق له الخلق كان محمودا عند الله، وهو الذي يبقى لصاحبه وينفعه الله به، وهذه الأعمال هي الباقيات الصالحات" (^١).
- موافقة الشرع في الحب والبغض:
قال ﵀: " وأصل هذا أن تكون محبة الإنسان للمعروف وبغضه للمنكر، وإرادته لهذا وكراهته لهذا موافقا لحب الله وبغضه وإرادته وكراهته الشرعيتين " (^٢).
- الإخلاص لله والمتابعة للرسول ﷺ:
قال ﵀ في بيان أهمية الإخلاص في الأعمال: " النية للعمل كالروح للجسد" (^٣).
وقال أيضا- ﵀: " فالمؤمن إذا كانت له نية، أثيب على عامة أفعاله، وكانت المباحات من صالح أعماله لصلاح قلبه ونيته، والمنافق -لفساد قلبه ونيته- يعاقب على ما يظهره من العبادات رياء، فإن في الصحيح أن النبي ﷺ قال: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب» " (^٤).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٨٣ - ٢٨٥.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٢٠ - ٢٢١.
(^٣) السياسة الشرعية: ٧٧.
(^٤) السياسة الشرعية: ١٨١.
1 / 10
وقال أيضا- ﵀: " فصل وإذا كانت جميع الحسنات لا بد فيها من شيئين: أن يراد بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة؛ فهذا في الأقوال والأفعال في الكلم الطيب والعمل الصالح، في الأمور العلمية والأمور العملية العبادية" (^١).
وقال أيضا- ﵀: " ففي هذه الأمور العلمية الكلامية يحتاج المخبر بها أن يكون ما يخبر به عن الله واليوم الآخر، وما كان وما يكون حقا وصوابا، وما يأمر به وما ينهي عنه، كما جاءت به الرسل عن الله فهذا هو الصواب الموافق للسنة والشريعة المتبع لكتاب الله وسنة رسوله، كما أن العبادات التي يتعبد العباد بها إذا كانت مما شرعة الله وأمر الله به ورسوله كانت حقا صوابا موافقا لما بعث الله به رسله، وما لم يكن كذلك من القسمين كان من الباطل والبدع المضلة والجهل؛ وإن كان يسميه من يسميه علوما ومعقولات وعبادات ومجاهدات وأذواقا ومقامات، ويحتاج أيضا أن يؤمر بذلك لأمر الله به، وينهى عنه لنهي الله عنه، ويخبر بما أخبر الله به؛ لأنه حق وإيمان وهدى كما أخبرت به الرسول، كما تحتاج العبادة إلى أن يقصد بها وجه الله، فإذا قيل ذلك لاتباع الهوى والحمية أو لإظهار العلم والفضيلة أو لطلب السمعة والرياء كان بمنزلة المقاتل شجاعة وحمية ورياء" (^٢).
وقال أيضا- ﵀: " ثم كل من الأقسام الثلاثة: المأمور به، والمحظور، والمشتمل على الأمرين قد يكون لصاحبه نية حسنة، وقد يكون متبعا لهواه، وقد يجتمع له هذا وهذا، فهذه تسعة أقسام في هذه الأمور: في الأموال المنفقة عليها من الأموال السلطانية الفيء وغيره، والأموال الموقوفة، والأموال الموصى بها، والأموال المنذورة، وأنواع العطايا والصدقات والصلات، وهذا كله من لبس الحق بالباطل، وخلط عمل صالح وآخر سيء، والسيء من ذلك قد يكون صاحبه مخطئا، أو ناسيا مغفورا له كالمجتهد المخطئ الذي له أجر وخطؤه مغفور له، وقد يكون صغيرا مكفرا باجتناب الكبائر، وقد يكون مغفورا بتوبة أو بحسنات تمحو السيئات أو مكفرا بمصائب الدنيا ونحو ذلك؛ إلا أن دين الله الذي أنزل به كتبه وبعث به رسله ما تقدم من إرادة الله وحده بالعمل الصالح" (^٣).
_________
(^١) الاستقامة: ٢٩٧.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٣٠٠.
(^٣) الاستقامة: ٢/ ٣٠٢.
1 / 11
- معرفة حقوق الله:
قال ﵀ في تعريف حقوق الله: " اسم جامع لكل ما فيه منفعة عامة لا تختص بمعين، أو دفع مضرة عامة بما يتعلق بالدين أو الدنيا" (^١).
- العلم والرفق والصبر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال ﵀: " فلا بد من هذه الثلاثة: العلم والرفق والصبر، العلم قبل الأمر، والنهي والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة لا بد أن يكون مستصحبا في هذه الأحوال، وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعا ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به فقيها فما ينهي عنه، رفيقا فيما يأمر به رفيقا فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به حليما فيما ينهى عنه" (^٢).
- طلب العلم الشرعي فرض على الكفاية إلا فيما يتعين:
قال ﵀: " وطلب العلم الشرعي فرض على الكفاية إلا فيما يتعين، مثل طلب كل واحد علم ما أمره الله به وما نهاه عنه، فإنه فرض على الأعيان كما أخرجاه في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
وكل من أراد الله به خيرًا، لا بد أن يفقهه في الدين، فمن لم يفقهه في الدين لم يرد الله به خيرًا.
والدين: ما بعث الله به رسوله، وهو ما يجب على المرء التصديق به والعمل به، وعلى كل أحد أن يصدق محمدًا ﷺ فيما أخبر به، ويطيعه فيما أمر تصديقًا عامًا وطاعة عامة، ثم إذا ثبت عنه خبر كان عليه أن يصدق به مفصلًا، وإذا كان مأمورًا من جهة بأمر معين كان عليه أن يطيعه طاعة مفصلة" (^٣).
_________
(^١) السياسة الشرعية: ١٩١.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٣٣.
(^٣) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٨٠.
1 / 12
- أهمية العلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال ﵀: " وإذا كان هذا حد كل عمل صالح فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن يكون كذلك هذا في حق الأمر الناهي بنفسه ولا يكون عمله صالحا إن لم يكن بعلم وفقه، كما قال عمر بن عبد العزيز: "من عبدالله بغير علم كان ما يفسد اكثر مما يصلح"، وكما في حديث معاذ بن جبل ﵁: "العلم إمام العمل، والعمل تابعه"، وهذا ظاهر؛ فإن القصد والعمل إن لم يكن بعلم كان جهلا وضلالا واتباعا للهوى" (^١).
وقال أيضا ﵀: " فلا بد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور وحال المنهي، ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي على الصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود" (^٢).
- مراعاة الشريعة والعلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال ﵀: " وهنا يغلط فريقان من الناس، فريق يترك ما يجب من الأمر والنهي تأويلا لهذه الآية كما قال أبو بكر الصديق ﵁ في خطبته: أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت النبي ﷺ يقول: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أو شك أن يعمهم الله بعقاب منه».
والفريق الثاني: من يريد أن يأمر وينهي إما بلسانه وإما بيده مطلقا من غير فقه ولا حكم، ولا صبر ولا نظر في ما يصلح من ذلك وما لا يصلح، وما يقدر عليه وما لا يقدر، كما في حديث أبي ثعلبه الخشني سألت عنها أي الآية رسول الله ﷺ فقال: «بل ائتمروا بالعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودينا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه، ورأيت امرأ لا يدان لك به فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائك أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر، للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله»، فيأتي بالأمر والنهي معتقدا أنه مطيع في ذلك لله ورسوله وهو معتد في حدوده" (^٣).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٣٠.
(^٣) الاستقامة: ٢/ ٢١٣ - ٢١٥.
1 / 13
- من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه:
قال ﵀: " كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه، والعلم بالدين لا يكون إلا بهدي الله الذي بعث به رسوله ﷺ، ولهذا قال الله تعالى في موضع: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، وقال في موضع أخر: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ﴾، فالواجب على العبد أن ينظر في نفس حبه وبغضه ومقدار حبه وبغضه هل هو موافق لأمر الله ورسوله وهو هدى الله الذي أنزله على رسوله ﷺ، بحيث يكون مأمورا بذلك الحب والبغض لا يكون متقدما فيه بين يدي الله ورسوله؛ فإنه قد قال تعالى: ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، ومن أحب أو ابغض قبل أن يأمره الله ورسوله ففيه نوع من التقدم بين يدي الله ورسوله، ومجرد الحب والبغض هو هوى؛ لكن المحرم منه اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله، ولهذا قال الله لنبيه داود: ﴿وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾، فأخبر أن من اتبع هواه أضله ذلك عن سبيل الله وهو هداه الذي بعث به رسوله وهو السبيل إليه" (^١).
واجبات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- الناس ثلاثة أقسام في إنكار المنكر:
قال ﵀: " والناس هنا ثلاثة أقسام: قوم لا يقومون إلا في أهواء نفوسهم؛ فلا يرضون إلا بما يعطونه ولا يغضبون إلا لما يحرمونه، فإذا أعطى أحدهم ما يشتهيه من الشهوات الحلال أو الحرام زال غضبه وحصل رضاه، وصار الأمر الذي كان عنده منكرا ينهى عنه ويعاقب عليه ويذم صاحبه ويغضب عليه مرضيا عنه، وصار فاعلا له، وشريكا فيه، ومعاونا عليه، ومعاديا لمن ينهى عنه وينكر عليه، وهذا غالب في بني آدم، يرى الإنسان ويسمع من ذلك ما لا يحصيه إلا الله؛ وسببه أن الإنسان ظلوم جهول؛ فلذلك لا يعدل بل ربما كان ظالما في الحالين، يرى قوما ينكرون على المتولي ظلمه لرعيته واعتداءه عليهم فيرضي أولئك المنكرين ببعض الشيء من منصب أو مال فينقلبون أعوانا له، وأحسن أحوالهم أن يسكنوا عن الإنكار عليه، وكذلك تراهم ينكرون على من يشرب الخمر ويزني ويسمع الملاهي حتى يدخلوا أحدهم معهم في ذلك أو يرضوه ببعض ذلك، فتراه حينئذ قد صار عونا لهم، وهؤلاء قد يعودون بإنكارهم إلى أقبح من الحال التي كانوا عليها، وقد يعودون إلى ما هو دون ذلك أو نظيره.
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٢٠ - ٢٢٥.
1 / 14
وقوم يقومون قومه ديانة صحيحة، يكونون في ذلك مخلصين لله، مصلحين فيما عملوه ويستقيم لهم ذلك حتى يصبروا على ما أوذوا، فهؤلاء هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وهم من خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله.
وقوم يجتمع فيهم هذا وهذا، وهم غالب المؤمنين، فمن فيه دين وله شهوة تجتمع في قلوبهم إرادة الطاعة وإرادة المعصية، وربما غلب هذا تارة وهذا تارة.
وهذه القسمة الثلاثية كما قيل: الأنفس ثلاث: أمارة ومطمئنة ولوامة، فالأولون هم أهل الأنفس الأمارة التي تأمرهم بالسوء، والأوسطون: هم أهل النفوس المطمئنة التي قيل فيها: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي، والآخرون: هم أهل النفوس اللوامة التي تفعل الذنب ثم تلوم عليه، وتتلوم تارة كذا وتارة كذا، أو تخلط عملا صالحا وأخر سيئا، وهؤلاء يرجى أن يتوب عليهم إذا اعترفوا بذنوبهم، كما قال الله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيم﴾ " (^١).
- أصل وسبب الفرقة والفتن ترك الإنكار بالطريقة الشرعية:
قال ﵀: " وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان، فقد يذنب الرجل أو الطائفة، ويسكت أخرون عن الأمر والنهي فيكون ذلك من ذنوبهم، وينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق والاختلاف والشر، وهذا من أعظم الفتن والشرور قديما وحديثا، إذ الإنسان ظلوم جهول، والظلم والجهل أنواع، فيكون ظلم الأول وجهله من نوع، وظلم كل من الثاني والثالث وجهلهما من نوع أخر وأخر، ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك، ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها ومن تبعهم من العامة من الفتن هذا أصلها" (^٢).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٤٩ - ٢٥٢.
(^٢) الاستقامة: ٢/ ٢٤١.
1 / 15
- أهمية الخبرة بالشر وأسبابه وعلاماته، والتغافل في العقوبة عن الذنوب التي لا تضر إلا صاحبها:
قال ﵀: " ينبغي للوالي والعالم أن يكون خبيرا بالشر وأسبابه وعلاماته، مثل الخبرة بالكفر والفسوق وأحوال العدو في دينهم ودنياهم؛ ليحترس من شر ذلك ... وهذا لأن من لا يعرف الأمراض وأسبابها قد يغتر بالعافية ولا يحترز من أسباب المرض أو ذاته، وعرف سببه وعلامته فإنه يصلح للطبيب ...
لكن لا بد للوالي من التغافل عن العقوبة على ما يعمله الناس من الذنوب التي لا تضر إلا صاحبها، كما روي عن النبي ﷺ: «أن الوالي إذا ابتغى الريبة في الناس إلا كاد يفسدهم».
قال الحسن: كلمة سمعها معاوية من النبي ﷺ نفعه الله بها" (^١).
- فعل المستطاع:
قال ﵀: " لأنه - أي عمر بن الخطاب- كان إمام عدل يقسم بالسوية، فلما تغير الإمام والرعية كان الواجب على كل إنسان أن يفعل من الواجب ما يقدر عليه، ويترك ما حرم عليه، ولا يحرم عليه ما أباح الله له" (^٢).
- الواجب من العلم والعمل حسب الاجتهاد والقدرة:
قال ﵀: " وأولو الأمر صنفان: الأمراء والعلماء، وهم الذين إذا صلحوا صلح الناس ...
فعلى كل منهما أن يتحرى بما يقوله ويفعله طاعة الله ورسوله، واتباع كتاب الله. ومتى أمكن في الحوادث المشكلة معرفة ما دل عليه الكتاب والسنة كان هو الواجب، وإن لم يمكن ذلك لضيق الوقت أو عجز الطالب، أو تكافؤ الأدلة عنده أو غير ذلك، فله أن يقلد من يرتضي علمه ودينه.
_________
(^١) السياسة الشرعية: ١٨٨، ١٩٠ - ١٩١.
(^٢) السياسة الشرعية: ٦٥.
1 / 16
هذا أقوى الأقوال، وقد قيل: ليس له التقليد بكل حال، وقيل: له التقليد بكل حال، والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وغيره.
وكذلك ما يشترط في القضاة والولاة من الشروط يجب فعله بحسب الإمكان، بل وسائر العبادات من الصلاة والجهاد وغير ذلك، كل ذلك واجب مع القدرة، فأما مع العجز فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها" (^١).
- لم يوجب ما لا يستطاع، ولم يحرم ما يضطر إليه:
قال ﵀: " وذلك كله في قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾، وفي قول النبي ﷺ: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
كما أن الله تعالى لما حرم المطاعم الخبيثة قال: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾، وقال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ﴾، فلم يوجب ما لا يستطاع، ولم يحرم ما يضطر إليه، إذا كانت الضرورة بغير معصية من العبد" (^٢).
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب القدرة:
قال ﵀: " وعليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم، فإن مناط الوجوب هو القدرة؛ فيجب على كل إنسان بحسب قدرته، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ " (^٣).
_________
(^١) السياسة الشرعية: ٢٢٨ - ٢٢٩.
(^٢) السياسة الشرعية: ٢٣١.
(^٣) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٦.
1 / 17
- ما الصراط المستقيم في الولايات؟:
قال ﵀: " وهاتان السبيلان الفاسدتان -سبيل من انتسب إلى الدين ولم يكمله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد والمال، وسبيل من أقبل على السلطان والمال والحرب ولم يقصد بذلك إقامة الدين- هما سبيل المغضوب عليهم والضالين.
الأولى: للضالين النصارى، والثانية: للمغضوب عليهم اليهود. وإنما الصراط المستقيم - صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين- هي سبيل نبينا محمد ﷺ وسبيل خلفائه وأصحابه ومن سلك سبيلهم، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم﴾.
فالواجب على المسلم أن يجتهد في ذلك بحسب وسعه؛ فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله، وإقامة ما يمكنه من دينه، ومصالح المسلمين، وأقام فيها ما يمكنه من الواجبات واجتنب ما يمكنه من المحرمات: لم يؤاخذ بما يعجز عنه؛ فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار.
ومن كان عاجزا عن إقامة الدين بالسلطان والجهاد، ففعل ما يقدر عليه، من النصيحة بقلبه، والدعاء للأمة، ومحبة الخير، وفعل ما يقدر عليه من الخير: لم يكلف ما يعجز عنه؛ فإن قوام الدين بالكتاب الهادي، والحديد الناصر، كما ذكره الله تعالى.
فعلى كل أحد الاجتهاد في اتفاق القرآن والحديد لله تعالى، ولطلب ما عنده، مستعينا بالله في ذلك؛ ثم الدنيا تخدم الدين، " (^١).
- وجوب تولية ولي أمر:
قال ﵀: " ولهذا أمر النبي ﷺ أمته بتولية ولاة أمور عليهم، وأمر ولاة الأمور أن يردوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله تعالى، ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد أن رسول الله ﷺ قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمر أحدهم»، وفي سننه أيضا عن أبي هريرة مثله، وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا أحدهم».
_________
(^١) السياسة الشرعية: ٢٤١ - ٢٤٢.
1 / 18
فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولى أحدهم: كان هذا تنبيهًا على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك، ولهذا كانت الولاية لمن يتخذها دينًا يتقرب به إلى الله ويفعل فيها الواجب بحسب الإمكان من أفضل الأعمال الصالحة، حتى قد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي ﷺ أنه قال: «أن أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغض الخلق إلى الله إمام جائر» " (^١).
- لا بد عند الاجتماع من رأس:
قال ﵀: " ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا تمام للدين ولا للدنيا إلا بها؛ فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض تعاونا وتناصرا؛ يتعاونون على جلب المنفعة، ويتناصرون لدفع المضرة، إذ الواحد منهم لا يقدر وحده على جلب جميع منافعه، ودفع جميع مضاره.
ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي ﷺ: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم»، رواه أبو داود، من حديث أبي سعيد، وأبي هريرة ...
فأوجب ﷺ تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع التي هي أكثر وأدوم؛ ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة.
وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة؛ ولهذا روي: «أن السلطان ظل الله في الأرض»، ويقال: «ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان»، والتجربة تبين ذلك" (^٢).
- من هم أولو الأمر، وما أثرهم؟
قال ﵀: " وأولو الأمر صنفان: الأمراء والعلماء، وهم الذين إذا صلحوا صلح الناس" (^٣).
_________
(^١) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٥.
(^٢) السياسة الشرعية: ٢٣٢ - ٢٣٣.
(^٣) السياسة الشرعية: ٢٢٨ - ٢٢٩.
1 / 19
وقال أيضا- ﵀: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾، وأولوا الأمر أصحاب الأمر وذووه، وهم الذين يأمرون الناس وينهونهم، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام؛ فلهذا كان أولوا الأمر صنفين: العلماء والأمراء، فإذا صلحوا؛ صلح الناس، وإذا فسدوا؛ فسد الناس، كما قال أبو بكر الصديق ﵁ للأحمسية لما سألته: "ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح؟ "، قال: "ما استقامت لكم أئمتكم"، ويدخل فيهم الملوك والمشايخ وأهل الديوان، وكل من كان متبوعا فإنه من أولي الأمر، وعلى كل واحد من هؤلاء أن يأمر بما أمر الله به، وينهى عن ما نهى الله عنه، وعلى كل واحد ممن عليه طاعته أن يطيعه في طاعة الله ولا يطيعه في معصية الله" (^١).
- التعاون مع ولاة الأمر؛ وإن كان فيهم ظلم وجور:
قال ﵀: " وكذلك يوسف كان نائبًا لفرعون مصر وهو وقومه مشركون، وفعل من العدل والخير ما قدر عليه، ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان" (^٢).
وقال أيضا- ﵀: " والمعين على الإثم والعدوان من أعان الظالم على ظلمه أما من أعان المظلوم على تخفيف الظلم عنه أو على المظلمة فهو وكيل المظلوم لا وكيل الظالم؛ بمنزلة الذي يقرضه أو الذي يتوكل في حمل المال له إلى الظالم، مثال ذلك: ولي اليتيم والوقف إذا طلب ظالم منه مالا فاجتهد في دفع ذلك - بمال أقل منه إليه - أو إلى غيره بعد الاجتهاد التام في الدفع فهو محسن، وما على المحسنين من سبيل" (^٣).
وقال أيضا- ﵀ في التعاون مع ولاة الأمر، وأنه نوعان: " الأول: تعاون على البر والتقوى من الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين، فهذا مما أمر الله به ورسوله، ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة فقد ترك فرضا على الأعيان أو على الكفاية؛ متوهما أنه متورع، وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع إذ كل منهما كف وإمساك.
والثاني: تعاون على الإثم والعدوان كالإعانة على دم معصوم أو أخذ مال معصوم أو ضرب من لا يستحق الضرب ونحو ذلك فهذا الذي حرمه لله ورسوله" (^٤).
_________
(^١) الاستقامة: ٢/ ٢٩٦.
(^٢) قاعدة في الحسبة ضمن مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٦٨.
(^٣) السياسة الشرعية: ٦٩ - ٧٠.
(^٤) السياسة الشرعية: ٦٧.
1 / 20