Ruh Cazim Mahatma Ghandi
روح عظيم المهاتما غاندي
Genres
صاحب كتاب التسليح والتاريخ فقال في كتابه هذا: «إن الحرب وباء كامن في الحضارة الأوروبية؛ لأنها تدور في حلقة مفرغة من الحرب والصناعة ... فإن القوى الآلية تؤدي إلى البطالة، والبطالة تزيد في نزعة الخصومة، ونزعة الخصومة تتطلب عدوا تخاصمه، والسياسة تدبر لها ذلك العدو، فتأتي الحرب من ثم وتعالج مشكلة البطالة إلى حين.»
إلا أن الثقافة التي زاولها غاندي لا تقاس في جوهرها بمقياس الصواب والخطأ، ولا بمقياس العلم والجهل في عرف زمانه، ولكنها تقاس على حقيقتها بمقياس المبدأ الذي يغلبه على جميع المبادئ، والأصل الذي يقدمه على جميع الأصول عند نظره إلى صلاح الإنسان الذي يقاس بمقياس الدوام فوق عوارض الزمن وعوارض الدول والجماعات.
فقد كان هذا الرجل يعلم كل شيء يحتاج إليه في رسالته، ولم يكن يجهل شيئا يدخل في حسابه.
فإذا قاوم المخترعات الحديثة ، أو قاوم العلم الحديث، أو قاوم الطب الذي تشفى به الأجسام، فهو لا يفعل ذلك كما يفعله أصحاب الخرافة والجمود، إذ إنه يعلم ما يجهله الخرافيون الجامدون، ولا يصدر في رأيه عن جهل بما فاتهم أن يعلموه.
ولكنه يقاوم ما يقاومه وهو عارف بقيمته كما يعرفها معارضوه، إنما يعرف هذه القيمة ويعرف ما هو أعلى وأدوم منها في اعتقاده، وهي سلامة الروح، فما سلمت به الروح فهو معرفة كافية.
وما عطبت به الروح فهو جهل منكر، أو علم عارض لا ينكر نفعه ولا ينكر ضرره، وهو أكبر وأبقى، وإن سلمت به الأجسام.
غاندي والجيل الجديد
كثيرا ما تكون موازين الشعوب أصدق من موازين المؤرخين في تقرير مكان العظيم بين أبناء قومه، ولا سيما حين تطيع تلك البداهة في تعبيراتها الفطرية التي تجمع الكثير من المعاني في القليل من الكلمات.
وقد عرفت بداهة الهند أين تضع غاندي من أمته، فلم تضعه موضع الزعامة السياسية، ولا موضع القيادة الاجتماعية ولكنها وضعته موضع الأبوة المحبوبة الموقرة، التي يحق لها أن تطاع وينتظر منها أن تغتفر بعض العصيان، بدالة الأبناء على الآباء.
لم تنظر إليه نظرتها إلى الزعيم السياسي؛ لأن السياسة لم تكن له غاية ولم يكن لها المقام الأول في سعيه ورأيه.
Unknown page