بأبي وأمّي لقد سمعت من كلامه ما أذكرني فوّهات (١٢٢) جدّه الصديق، رضي الله تعالى عنه.
وأقام (١٢٣) ابن أبي سرح وهو الأمير بسبيطلة على عسكره، فلما رأى الروم الذين بالساحل ما حل «بجرجير» وأهل سبيطلة غارت أنفسهم وتجمعوا، وكاتب بعضهم بعضا في حرب ابن أبي سرح، فخاف منهم لما معه من الغنائم، فكتب إلى خليفته بمصر يأمره أن ينفذ إليه مراكب في البحر يجعل فيها غنائم المسلمين، فأخذ خليفته فيما أمره به، فاتصل بالروم قصد ابن أبي سرح إياهم واستقباله حربهم (١٢٤)، فخافوه وراسلوه، وجعلوا له جعلا على أن يرتحل بجيشه ولا يعترضوه بشيء، ووجهوا إليه مائة قنطار ذهبا، فأجابهم إلى ذلك، وانصرف عنهم راجعا إلى مصر، بعد أن أقام بإفريقية سنة وشهرين. فلما وصل إلى طرابلس وافته المراكب، فحمل فيها أثقال جيشه، وقصد هو وأصحابه إلى مصر سالمين. ووجه إلى عثمان رضي الله تعالى عنه بالأموال التي معه من الخمس وغيره.
فوقعت الفتنة على إثر ذلك، واستشهد عثمان رضي الله تعالى عنه، وولى بعده عليّ رضي الله تعالى عنه، وبقيت إفريقية على حالها إلى ولاية معاوية رضي الله تعالى عنه.