فقال: «لا تبكي وأبشري، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض وتشهده عصابة من المؤمنين» وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية وجماعة غيري، فأنا الذي أموت بالفلاة، فأبصري الطريق وتبصري» قالت: فقلت «أنّى ذلك وقد انقطع الطريق وذهب الحاج؟»، قال: «أبصري وتبصّري» قالت: «فقمت/أشتد إلى كثيب من رمل فأقوم عليه فأتبصّر، ثم أعود إليه فأمرضه»، قالت: «فبينا أنا كذلك، إذا أنا بنفر على رحالهم كأنهم الرخم تخدّ (٨) بهم رواحلهم» قالت: «فألحت بثوبي، فوضعوا السياط عليها وأسرعوا، فلما وصلوا إليّ قالوا: «يا أمة الله، مالك؟» فقلت: «رجل من المسلمين يموت، تكفنونه (٩)».قالوا: «ومن هو؟» قالت: «أبو ذر، صاحب رسول الله ﷺ» فأتوا يفدونه بالآباء والأمهات حتى دخلوا عليه فسلموا، فقال: «أبشروا، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول»، ثم ذكر لهم الحديث الذي ذكر لامرأته. ثم قال لهم: «وأنا ذلك الرجل. وأنتم أولئك القوم. وإنه لو كان لي ثوب يسعني كفنا لم أكفّن إلا في ثوب لي أو لأهلي، وإني أنشدكم الله ألاّ (١٠) يكفنني رجل [منكم] (١١) كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا»، قال: «وليس من القوم إلا وقد قارف ما سمى، إلا فتى من الأنصار، قال: «يا عمّ، أنا أكفنك في ردائي هذا وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي، ولم أقارف مما ذكرت شيئا».فكفنه الأنصاري في ثوبيه، وحضروا غسله وكفنه وصلوا عليه-رضي الله تعالى عنه-ودفنوه (١٢)».