تحكم جمالات على ذكورة الرجل من شكل أصابعه وأنفه. يتميز أصحاب السلطة بأصابع قصيرة وأنف مكور تنقصه الحدة والارتفاع، يكاد يكون قضيبهم نسخة من الأنف، قصير ومكور، متوسط أو أقل من المتوسط في الارتفاع أو الانتصاب ... وتقول: القوة في الفراش لا علاقة لها بالسلطة، لأن الفحولة لا تحتاج إلى قوة خارجية.
تدربت جمالات على إدراك خفايا الرجال، ترهف أذنيها وهي تنصت إلى الخطب السياسية، تؤكد أن صوت الرجل يعكس شكل جسده، الصوت الوقور القوي النبرة الضاغط على الألفاظ، في السرير يؤكد العكس، أما الرجل الدون جوان، الذي يسمونه زير النساء، الذي ينتقل من امرأة إلى امرأة، فهو أكثر الرجال هزيمة داخل الفراش.
سنوات من عمرها قضتها الفتاة في شقة جمالات، دربتها على الصلاة، خمس مرات في اليوم. قالت: الصلاة تمسح الذنوب مثل زيارة قبر النبي في مكة المكرمة، لكن الصلاة لا تحتاج إلى تذكرة طيران ولا إلى مصاريف، مجرد الممارسة اليومية حتى تصبح عادة لا يمكن اقتلاعها.
أخذت عنها عادة الصلاة وعادة التدخين، تشتري لها السجائر مقابل بعض الخدمات، ليلة الخميس هي ليلة السهر، ليلة المتعة، ساعة لقلبك وساعة لربك، يوم الجمعة هو يوم الرب والصلاة في المسجد والتوبة.
ليلة الخميس يهدأ الزقاق وشارع المبتديان، حي السيدة يصبح هادئا، يقبع الفقراء في البيوت يستريحون من عناء العمل طول الأسبوع، يشربون الشاي الأسود من دخان الشيشة، تدلك أقدامهم نساؤهم بالماء الساخن والملح، تصعد أياديهن المشققة لتدلك أجسادهم المكدودة، يسري الدم في الأعضاء المرهقة المتهدلة، قد يحدث الإنعاش أو الانتصاب بقدرة الله الواحد الأحد.
تكون جمالات قد نامت نصف النهار، أعدت غرفتها لسهرة الخميس، تسميها ليلة الفرج، تتعطر بالمسك بعد الحمام، تجلس على الشلتة فوق الأرض، التليفون المحمول فوق أذنها اليسرى، أذنها اليمنى مرهفة لسماع جرس الباب.
كان سميح يأتي دائما حين تحتاج إليه الفتاة، يدخل حياتها مثل نسمة هواء في جو خانق، لحظة الإفراج من طول الاحتباس، كان مثلها في أزمة يريد الخروج منها، يعاني الاثنان اليأس، وصل كل منهما إلى نهاية الطريق المسدود، لم يكن أمامهما إلا أن يلقي أحدهما نفسه فوق صدر الآخر، كالغريق تلامس أصابعه شاطئ النجاة.
كانت له امرأة أخرى يحبها، تركته إلى رجل آخر، ثم تركها الرجل الآخر إلى امرأة أخرى، أرادت أن تعود إلى سميح، كاد أن يصفح عنها ثم تراجع، صفح عنها مرتين، هذه المرة الثالثة لن يصفح ولن يعود، كان اسمها سوزان، اختصارها سوزي.
يقول عنها مجنونة بالرغبة لتحقيق ذاتها، مثل كارمن، ضميرها غير مستريح، تبحث عن منطق لحياتها، تراودها أفكار غريبة لا تنتمي لعالم المرأة. - وما هو عالم المرأة يا سميح؟ - لا أعرف.
علاقة الفتاة برستم دخلت مرحلة الخطر والتناقضات، يسعى كل منهما إلى تحطيم الآخر عبر الحب، هناك علاقة بين الحب والموت والجنون.
Unknown page