Risalat Iblis
رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس
Genres
الباب الحادي عشر في الآجال والأموات والأرزاق
رأيت من عظيم هذا الباب أمور الدماء والأموال, فوجدت لنفسي المجال. فألقيت إليكم أن الحرام والغصوب كلها أرزاق من غصبها وأكلها أسهل عليهم أمور الأموال ليسهل الغصب والظلم .فقبلتم ذلك.
وأنكرت المعتزلة وقالوا: الحرام لا يكون رزقا, ولذلك مدح الله المنفق مما رزقه وذم الغاصب على غصبه وأمر السارق بقطع يده وقاطع الطريق بقتله وصلبه, ومن المحال أن يجعله رزقه ثم يعاقبه عليه.
فلما رأى بعض مشايخنا هذا الإلزام قالوا: بأي شيء نستريح من هؤلاء المعتزلة؟ فقالوا: الأموال والفروج كلها على الإباحة والمنع ذنب, وليس في المظالم عقوبة ولا في الظلم تبعة , فعند ذلك تحيرت المعتزلة وقالوا: ما نقول لهؤلاء؟ وسمونا الإباحية.
وحكى معتزلي أن الصاحب شكى إليه بعض السراق فسأله عن حاله, قال: فلما بلغنا مكان كذا فإذا قضاء الله وقدره كان بأن يسرق منا .فقال الصاحب : تمسك بهذا السارق فأنا لا أقدر على دفعه.
وقيل لمجبر: أليس الله خلق السرقة في السارق وجعل المسروق رزقا له؟
قال : نعم .
قال : فما بال قطع يده وذمه ولعنه ؟
فسكت وقال : لا اعتراض على الرب .
وقيل لصوفي : إن فلانا يأخذ مالك ويزني بعيالك .
قال : لا أمنعه عن شيء يشتهيه، فالمنع والقطع حرام !
... وألقيت في الخواطر أن المقتول الله قتله وهو متفرد بالقتل لأن المتولد لا يكون فعل الإنسان، أريد بذلك إبطال القصاص والديات وتسهيل القتال. فتم لي ذلك فيكم، وأباه المعتزلة أشد الإباء وقالوا : هو فعل العبد ولذلك يجب القصاص والدية والكفارة والتوبة، وقرأوا قوله تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها } . ورووا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من قتل مؤمنا متعمدا يجيء يوم القيامة مكتوب في جبهته آيس من رحمة الله ) .
Page 77