Risalat Iblis
رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس
Genres
الباب السابع في الإرادة والكراهة
فكرت وقلت من أصول هذا الباب مسألة الإرادة , فألقيت إلى الناس أنه تعالى مريد بذاته أو بإرادة قديمة وأنه يريد جميع المعاصي والكفران ويكره من الكفار إيجاد الإيمان , وأنه أراد قتل الأنبياء والمؤمنين وأراد عبادة الأوثان وسب نفسه . فقبلتم مني ووافقتموني عليه ودنتم به وناضلتم عنه .
وأنكرت المعتزلة ذلك أشد الإنكار , وقالوا : هذا يخالف الدين , وتلوا { وما الله يريد ظلما للعباد } وقالوا : إرادة القبيح قبيحة والحكيم لا يريد سب نفسه ولا قتل أنبيائه , وكيف يأمر بشيء ثم يكرهه ؟ وكيف ينهي عن شيء ثم يريده ؟ قالوا : وقد فعل الله تعالى غاية ما يدل على أنه لا يريد المعاصي من النهي والزجر والإيعاد بالعقاب وإقامة الحدود وإيجاب اللعن .
حضر جماعة من المعتزلة مع المجبرة , فقال معتزلي لمجبر : ما الذي أراده الله من فرعون ؟ قال : الكفر . قال : وما الذي أراده إبليس منه ؟ قال : الكفر . قال : وما الذي أراده فرعون ؟ قال : الكفر . قال : وما الذي أراده موسى ؟ قال : الإيمان . قال : فإذا هو المخالف لله وأما إبليس وفرعون فوافقاه . فانقطع .
حضرني جماعة منهم يوما فجرت هذه المسألة , فقالت بعض المعتزلة : لعن الله الشيطان وجنده حيث خالفوا الرحمن وحزبه . فقال بعض المجبرة : لم تلعن هذا الشيخ وقد وافق الله في الإرادة ؟ فقال المعتزلي : كذبت ! بل خالف الله ووافقكم وأنتم حزب الشيطان ونحن حزب الله ,{ ألا إن حزب الله هم المفلحون}.
وسأل أبو عثمان الجاحظ أبا عبد الله الجدلي : هل أمر الله المشركين بالإيمان ؟ قال : أي والله ! قال : أراده منهم ؟ قال : لا والله ! قال : أيعذبهم على ذلك ؟ قال : أي والله ! قال : فهذا حسن ؟ قال : لا والله ! .
Page 59