Risala Ila Ahl Thughr
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Investigator
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Publisher
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Edition Number
١٤١٣هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
Creeds and Sects
ثم نبه المنكرين للإعادة مع إقرارهم بالابتداء١ على جواز إعادته تعالى لهم حيث قال لهم: لما استكبروها٢، وقالوا: ﴿مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ ٣.
ثم أوضح لهم ذلك بقوله ﷿: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ ٤ فدلهم بما يشاهدونه من جعله النار من (العفار والمرخ)
_________
١ في (ت) "بالإبتواء".
٢ هكذا بالأصل، و(ت) وعند ابن تيمية "استكروها".
٣ سورة يس: آية (٧٨، ٧٩) .
وهاتان الآيتان من أقوى الأدلة على البعث والدار الآخرة، ويستنبط "ابن تيمية" من هذه الآية قاعدة فيقول: "إن وجود الشيء دليل على ما دونه أولى بالإمكان منه" ويفصل ذلك عند تعرضه لقوله تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاس﴾ فيقول: "إنه من المعلوم ببداهة العقول أن خلق السماوات والأرض أعظم من خلق أمثال بني آدم والقدرة عليه أبلغ، وأن هذا الأيسر أولى بالإمكان والقدرة من ذلك، وكذلك استدلاله على ذلك بالنشأة الأولى في مثل قوله: " وله المثل الأعلى في السماوات والأرض ". (انظر: الموافقة ١/٢٠) .
ولقد ذكر "الشنقيطي" أن براهين البعث بعد الموت في القرآن أربعة:
الأول: خلق السماوات والأرض كقوله ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ .
الثاني: خلق الإنسان أولًا، كما في الآية التي استدل بها الأشعري.
الثالث: إحياء الأرض بعد موتها، كما جاء في قوله: ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى﴾ .
الرابع: إحياء الله بعض الموتى في دار الدنيا كما جاء في قوله تعالى: ﴿فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ﴾ . (انظر: أضواء البيان ٣/٢٠٣، ٢٠٤) . وانظر ما كتبه الدكتور "علي ناصر" حول ذلك في مجلة الجامعة الإسلامية العدد "٥٠، ٥١" ص٧٣- ٧٦ وذلك تحت مقال بعنوان "مسلك القرآن الكريم في إثبات البعث".
٤ سورة يس: آية (٨٠) .
وهذه الآية جاءت دليلًا آخر لتأكيد البعث والجزاء، وقد ذكر الأشعري أنها موضحة للآية السابقة، وذلك أنها تبين أن الذي يخرج من الشجر الأخضر نارًا تحرق لا يمتنع عليه فعل ما أراد، ومن ذلك بعث الأجساد. (وانظر: تفسير الطبري ٢٣/٣٢، وفي ظلال القرآن لسيد قطب ٥/٢٩٧) .
٥ ما بين المعقوفتين من نسخة ابن تيمية وفي الأصل "القشر والمرخ" وفي (ت) "المعشر والمرخ"، والصواب ما جاء في نسخة ابن تيمية، وفي تفسير القرطبي ما يؤكد صحة هذا التعبير في قوله: "ويعني بالآية: ما في المرخ والعفار، وهي زنادة العرب، ومنه قولهم: في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار، فالعفار الزند وهو الأعلى، والمرخ الزندة وهي الأسفل...". (انظر: تفسير القرطبي ١٥/٥٩، ٦٠، وابن كثير ٦/٥٨١) .
والمرخ: شجر كثير الوري سريعه. (انظر: لسان العرب ٤/٢٢، والقاموس المحيط ١/٢٦٩، ومحاسن التأويل للقاسمي ١٤/٥٠٢١) .
1 / 91