رسالة في تحقيق الرابطة للشيخ قطب دائرة الإرشاد غوث الثقلين على السداد السائر في الله الراكع الساجد المجاهد ذي الجناحين حضرت ضياء الدين مولانا خالد البغدادي قدس الله تعالى سره العزيز بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى من العبد الفقير مستهام خالد النقشبندي المتمسك باتباع سنة خير الأنام عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة

Page 1

وأكمل السلام إلى الأخوان المخلصين الكرام من سكان دار الخلافة العظمى لا زالت مصونة عن كيد الخائنين و مقرونة بنصرة حاميها وحامي بلاد المسلمين إلى يوم الدين آمين السلام التام والتحية الكرام عليكم أما بعد فقد وردت مكاتيبكم الدالة على صحة ذواتكم فأورثت المسرة المثيرة إلى ثباتكم على الطريقة والسنة السنية مع كثرة مزاحمة المنكرين فحمدت الله تعالى على ذلك مرة بعد مرة وقرع بسمع هذا المسكين إن بعض الغافلين عن أسرار حق اليقين يعدون الرابطة بدعة في الطريقة ويزعمون أنها شئ ليس له أصل ولا حقيقة كلا إنها أصل عظيم من أصول طريقتنا العلية النقشبندية بل هي أعظم أسباب الوصول بعد التمسك التام بالكتاب العزيز و سنة الرسول ومن جملة ساداتنا من كان يقصر في السلوك والتسليك عليها ومنهم من كان يأمر

Page 2

بغيرها أيضا مع تنصيصه على أنها أقرب الطرق إلى الفناء في الشيخ الذي هو مقدمة الفناء في الله تعالى ومنهم من أثبتها بنص قوله تعالى يا أيها الذي آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فقال من السادات الكبار الشيخ عبيد الله المشهور بخواجة أحرار قدس سره ما حاصله أن الكينونة مع الصادقين المأمور بها في كلام رب العالمين الكون معهم صورة ومعنى ثم فسر الكينونة المعنوية بالرابطة وهو عند أهله مشهور وفي الكتاب الرشحات بالتفصيل مسطور فكأنهم لم يتصوروا معنى الرابطة اصطلاحا وإلا لما وسعهم إنكارها إذ هي في الطريقة عبارة عن استمداد المريد من روحانية شيخه الكامل الفاني في الله بكثرة رعاية صورته ليتأدب ويستفيض منه في الغيبة كالحضور ويتم له باستحضاره الحضور والنور وينزجر بسببها عن سفايف الأمور وهو أمر لا يتصور جحوده إلا ممن كتب الله تعالى في جبهته الخسران واتسم والعياذ بالله تعالى بالمقت والحرمان لأنه إن كان ممن يعتقد بالأولياء فقد صرحوا بحسنها وعظم نفعها بل اتفقوا عليها كما

Page 3

لا يخفى على من تتبع كلماتهم القدسية واستنشق نفحاتهم الأنسية وإلا فلا بد أن يعتقد بكلام أئمة الشرع وأساطين الأصل والفرع فقد قال بها من كل مذهب من المذاهب الأربعة أئمة تصريحا وها أنا أعد بعض ما ذكروه مع تعيين الأماكن ليراجعها من ليس في قلبه مرض ولا ينكر على الأولياء بمجرد اتباع الهوى والغرض فأقول وبالله التوفيق وهو الهادي إلى سواء الطريق قد صرح بالتصرف والإمداد للروحانيين جماهير المفسرين في تفسير قوله تعالى لولا أن رأى برهان ربه ومنهم صاحب الكشاف مع انحرافه عن الاعتدال واتصافه بالإنكار والاعتزال ولفظه وفسر البرهان بأنه أي يوسف عليه السلام سمع صوتا إياك وإياها فلم يكترث له فسمع ثانيا فلم يعمل به فسمعه ثالثا أعرض عنها فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عليهما السلام عاضا أنملته وقيل ضرب بيده على صدره إلى آخر ما قال وقال من الأئمة الحنفية الشيخ الإمام أكمل الدين في

Page 4

شرح المشارق في حديث من رآني فقد رأى الله الاجتماع بالشخص يقظة ومناما موقوف لحصول ما به الاتحاد وله خمسة أصول كلية الاشتراك في الذات أو في صفة فصاعدا أو في الأفعال أو في حال فصاعدا أو في المراتب وكل ما يتعلق من المناسبة الاجتماع بين شيئين أو الأشياء لا يخرج عن هذه الخمسة وبحسب قوته على ما به الاتحاد وضعفه يكثر الاجتماع ويقل وقد يقوى على ضده فتقوى المحبة بحيث يكاد المشخصان لا يفترقان وقد يكون بالعكس ومن حصل الأصول الخمسة وثبت المناسبة بينه وبين أرواح الكمل الماضين اجتمع بهم متى شاء انتهى ومن الأئمة الشافعية الإمام الغزالي في الإحياء في باب تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن من الصلاة ما نصه واحضر في قلبك النبي صلى الله عليه وسلم وشخصه الكريم وقل السلام عليك أيها النبي ولتصدق

Page 5