62
ويروى أيضا في الإصحاح 33، الآية 18،
63
إن موسى طلب من الله أن يريه نفسه، ولكن لما كان موسى - كما قلنا - لم يكون في مخيلته أية صورة لله، ولما كان الله - كما أثبتنا من قبل - لم يكشف عن نفسه للأنبياء إلا حسب استعداد خيالهم؛ لذلك لم يظهر الله لموسى في أية صورة. وأقول: إن الأمر كان على هذا النحو لأن خيال موسى كان يمنع من حدوثه على أي نحو آخر.
64
ولكن هناك أنبياء آخرين شهدوا بأنهم قد رأوا الله حقيقة، مثل أشعيا وحزقيال ودانيال ... إلخ؛ لذلك رد الله على موسى قائلا: «لن تستطيع أن ترى وجهي.» ولما كان موسى يعتقد بإمكان رؤية الله، أي إنه لم ير أي تناقض بين طبيعة الله وإمكان رؤيته، وإلا لما طلب رؤيته، فقد أضاف الله قائلا: «لأنه لا يمكن لأحد أن يراني ويظل حيا.» وبذلك أعطى الله سببا متفقا مع رأي موسى، فلم يقل: إن هناك تناقضا - كما هو موجود بالفعل - بين الطبيعة الإلهية وإمكان الرؤية، بل قال: لا يمكن للإنسان أن يرى الله بسبب ضعف الإنسان. كذلك قال الله لموسى لكي يوحي إليه بأن الإسرائيليين بعبادتهم العجل أصبحوا مثل باقي الأمم (33: 2-3)،
65
إنه سيرسل ملاكا، أي موجودا يرعى الإسرائيليين بدلا من الموجود الأعظم؛ لأن الله لا يريد أن يكون بينهم بعد الموت؛ وعلى هذا النحو لم يعد هناك ما يدعو موسى إلى الاعتقاد بأن الله أحب اليهود أكثر مما أحب الأمم الأخرى التي تركها الله أيضا في رعاية موجودات أخرى، أي في رعاية ملائكة. وهذا ما تؤكده الآية 16 من الإصحاح.
66
وأخيرا، فلما كان موسى يعتقد أن الله يقطن السموات، فإن الله قد تكشف له هابطا من السماء على الجبل، وفي مقابل ذلك صعد موسى إلى أعلى الجبل ليتحدث مع الله، وهو ما لم يكن في حاجة إلى أن يفعله لو استطاع أن يتصور الله موجودا بالسهولة في كل مكان.
Unknown page