فإذا حسنت الأفعال فلا يهم بعد ذلك بعدها عن العقائد، وإذا قبحت الأفعال فلا يهم حينئذ قربها من العقائد، ولن يعرف العدل والإحسان إلا بمشاركتنا فيهما، ويكون أعداء المسيح حقا هم الذين يضطهدون من يمارسون العدل والإحسان، ويخالفونهم في مضمون الإيمان، فالإيمان يتطلب عملا صادقا أكثر مما يتطلب عقائد صحيحة، ولا يهم مطلقا أن تكون العقائد باطلة لو كانت تؤدي إلى العدل والإحسان، يكفي ألا يعرف من يؤمن بها أنها باطلة، ولا يرجع خطأ الناس في الكتاب لجهلهم به، بل لعصيانهم له، ويرجع تصورهم الصحيح له لطاعتهم إياه.
91
ويمكن استنتاج بعض العقائد من مبدأ الإيمان الشامل، وهو حب الجار، وهي ليست عقائد نظرية بقدر ما هي مبادئ تحث على الطاعة، مبادئ يحياها القلب في حبه للجار، وبذلك يكون الله في الإنسان، والإنسان في الله، فإذا اختلف الناس في تصورهم لعقائد الإيمان، فإنهم يتفقون على هذا المبدأ الشامل الذي تعتنقه الإنسانية جمعاء، بعيدا عن الصراع على العقائد والجدل والمهاترات داخل الكنائس. ويحتوي هذا المبدأ الشامل على الحد الأدنى من الإيمان، وهو يشمل سبع نقاط، تكون دينا عاما شاملا يصدر عن العقل، ويتفق مع الطبيعة ويحث على الخير، وهذه النقاط هي: (1)
يوجد إله خير ورحيم على الإطلاق، نموذج الحياة الحقة، يجب معرفته والإيمان به من أجل طاعته، والتصديق به كحكم عدل. (2)
يوجد إله واحد جدير بالتبجيل والعظمة والمحبة. (3)
حاضر في كل زمان ومكان ويرعى كل شيء، لا تخفى عليه خافية وهو الموجود الكامل. (4)
يسيطر على كل شيء ويسير كل شيء، لا عن قهر، بل بمشيئته المطلقة وبفضله، يطيعه كل فرد وهو لا يطيع أحدا. (5)
عبادته في طاعته التي تتم بممارسة العدل والإحسان أي حب الجار. (6)
يتم الخلاص للمطيعين وحدهم الذين يمارسون الطاعة في حياتهم، ويضيع من يتبعون الشهوات، ويسيرون وراء الأهواء. (7)
يغفر للتائبين ذنوبهم، فكل بني آدم خطاءون، وخير الخطائين التوابون.
Unknown page