31

Risala fi al-Kalam 'ala Ahkam Khabar al-Wahid wa-Shara'ituhu - Included in «Athar al-Mu'allimi»

رسالة في الكلام على أحكام خبر الواحد وشرائطه - ضمن «آثار المعلمي»

Investigator

محمد عزير شمس

Publisher

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٤ هـ

Genres

الرجل بهذه الدار التي لعلها ليست له، وكلما عظمت المفسدة في الأمر كان الامتناع عن ارتكابه أشد. ثالثًا: أن الإنسان يكره أشدَّ الكراهية أن يظهر أنه كذب أو تساهل، والمحدث أبلغُ في ذلك من الشاهد؛ لأن الغالب في راوي الحديث أن تكون الرواية هي مهمّته التي يصرف أكثر عمره فيها، وفضيلته التي تُبنى عليها مكانته بين الناس، وهو يعلم أن الكذب أو التساهل يُبطل عليه تلك الفضيلة، ويُضيع عليه ذلك التعب كله، ويُسقطه من عيون الناس، ويجعله لُعْنةً فيما بينهم. ولهذا جاء عن ابن المبارك أنه سئل عن بعض من روى، فقال: لم يكن الحديث بِيْشَقَه (^١). يعنى لم يكن صناعته التي يعتدُّ بها، وإنما اتفق أن روى حديثًا أو حديثين مثلًا. وأما الشهود فالغالب أن لا تكون الشهادة صناعتهم، فكراهيتهم لظهور أنهم كذبوا أو تساهلوا أضعفُ. وكان هذا [١٢] من جملة الأسباب التي حملت القضاة في العصور السابقة على أن يتخذوا شهودًا معينين تكون حرفتهم الشهادة. رابعًا: أن الطرق التي يوقف بها على كذب الراوي أو تساهله كثيرة، لا يمكنه أن يحيط بها حتى يأمن من ظهور كذب أو تساهلٍ وقع منه، بخلاف الشهود.

(^١) انظر "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص ١٤٩). و"بيشق" بمعنى الصنعة تعريب الكلمة الفهلوية "پيشك"، وهي بالفارسية الحديثة: "پيشه".

19 / 152