Risālat al-ijtimāʿ waʾl-iftirāq fī al-ḥilf biʾl-ṭalāq
رسالة الاجتماع والافتراق في الحلف بالطلاق
Editor
محمد بن أحمد سيد احمد
Edition
الأولى
Publication Year
1408 AH
Genres
وتحدّث البزَّار عن زهده وورعه وتواضعه فقال: أما زهده في الدنيا ومتاعها فإن الله تعالى جعل ذلك له شعاراً من صغره، ولقد اتفق كل من رآه - خصوصاً من أطال ملازمته - أنه ما رأى مثله في الزهد في الدنيا. وقال ابن فضل الله العمري: كان يجيئه من المال في كل سنة ما لا يكاد يُحصى فينفقه جميعاً آلآفاً ومئين، لا يلمس منه درهماً بيده ولا ينفقه في حاجته.
وكان رضي الله عنه في الغاية التي يُنتهى إليها في الورع، لأن الله تعالى أجراه مدة عمره كلها عليه، فإنه ما خالط الناس في بيع ولا شراء ولا معاملة ولا تجارة ولا مشاركة ولا زراعة ولا عمارة. ولا كان ناظراً مباشراً لمال وقف ولم يكن يقبل جراية ولا صلة لنفسه من سلطان ولا أمير ولا تاجر ولا كان مدّخراً دينار ولا درهماً ولا متاعاً ولا طعاماً. وإنما كانت بضاعته مدة حياته، وميراثه بعد وفاته العلم اقتداءً بسيد المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه قال: ((العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورَّثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر))(١).
وأما تواضعه فما رأيت ولا سمعت بأحد من أهل عصره مثله في ذلك كان يتواضع للكبير والصغير، والجليل والحقير، والغني الصالح والفقير(٢).
مصنفاته :
قد مَنَّ الله عزّ وجلّ على ابن تيميّة بعقل متفتح وبخاطر فيّاض، وبقلم سيَّال وبحب للكتابة والتأليف، حتى إنه لما حبس في آخر أيامه وأخرج من عنده
(١) أخرجه أبو داود في العلم (٣٦٤١)، باب الحث على طلب العلم، وابن ماجه في المقدمة (٢٢٣)، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، والترمذي في العلم (٢٨٢٣)، من حديث أبي الدرداء، باب في فضل الفقه على العبادة. قال الألباني: صحيح. انظر الجامع الصغير رقم ٦١٧٣، وشرح السنة للبغوي ٢٧٦/١.
(٢) انظر الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية ص ٤٢ - ٥٢.
41