120

إن كتاباتهم - على قلتها - هي المربي الوحيد للأمم والعلل الأولى التي تدفعها إلى الأخذ بكل نوع من أنواع الرقي والنجاح.

وكم من نكتة جناسية في هذه «العلل» لمن يشاء أن يحكم «القافية» في لغة التفكير والتعبير!

إلا أن الإنصاف الذي يعفي فيلسوفنا من اتهام نفسه بالتقصير في مجال النكتة، لا يمنع المنصف أن يلاحظ أن نصيب الروح الفكاهية في كتاباته قليل، يشكو الحرمان من جور الجد المنطقي عليه. •••

وبعد، فإن الكلمة عند «لطفي السيد» هي موضوع مقالنا، ولكننا ذكرنا في عرض المقال مقياسا آخر للأمم وللرجال غير مقياس الكلمة وهو مقياس الوقت، فلا ننسى أن نضيف هذا المقياس إلى ذلك المقياس، ولا نرانا بحاجة إلى كلمات كثيرة لنقول إن الكفة ستبقى على رجحانها في الحالين.

لقد تولى «لطفي السيد» رئاسة مجمع اللغة وهو يقارب التسعين، فلم يتخلف عن المجمع يوما واحدا وهو قادر على الخروج من داره، ولم تأت الساعة الحادية عشرة في يوم من أيام حضوره وهو بعيد من كرسيه بقاعة الجلسة، ولا تتم الدقيقة التاسعة والخمسون ويده بعيدة عن جرس التنبيه!

ميرزا محمد مهدي خان

زعيم الدولة ورئيس الحكماء

نشرت في صحيفة «الدستور» سلسلة من الفصول عن شعراء الفرس النابهين، معتمدا فيها على قصائدهم وأخبارهم المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وحدث في صيف سنة 1909 أن شاه الفرس أراد أن يلغي الحياة النيابية فنشبت الثورة في البلاد، واضطر إلى النجاة منها بنفسه، فبايعت الأمة ولي عهده وهو في نحو الحادية عشرة من عمره، ونقلت الأنباء البرقية عنه أنه بكى حين بويع بالملك بين تلك الزعازع المرهوبة، فكتبت يومئذ مقالا في صحيفتي «الدستور» و«مصر الفتاة»، وجهت فيه الخطاب إلى الشاه الصغير، وقلت في مفتتحه: «أنت في الشرق، بين أمة الشعر والشعور.» ثم قلت: «إنك إن لم تضمر لهم سوءا ولم تحمل عليهم ضغنا، فالعرش أوثر من المهد، وحجر الأمة ألين ملمسا من حجر الأم، وأنت مع ذلك أسعد أسلافك؛ لأنك أول من رفعته إيران إلى عرشها بيدها، وأيمن شاه؛ لأنك توليت الحكم في العهد الذي سيذكر التاريخ أنه أول عهد وافق نهضة الإسلام من جديد.»

ولقيني غير واحد من صحبي بعد نشر هذا المقال وهم يقولون لي: «إن مقالك قد أعجب الدكتور «مهدي خان» وهو يحب أن يراك.»

فمن هو هذا الدكتور «مهدي خان»؟

Unknown page