109

المعمورة جميعها فى حوزة ملك البرتغال ، وليس الحكم فيها لأحد ، وفى داخل جزيرة مصر هذه أحاطت البرتغال من ثلاثة جوانب بثمانية وأربعين ملكا.

إن جزيرة مصر جزيرة عظيمة ، يقسمها خط الاستواء بالقرب من الشلالات بعشرين مرحلة. وعندما دخلت هذه المنطقة كان ربع دائرة الليل والنهار متساويين ، والإقليم الأول والثانى يقعان فى جزيرة مصر ، أما الإقليم الثالث فيقع فى جزيرة مصر فى الإسكندرية ورشيد ودمياط وقلعة التينة.

إنها جزيرة متراحبة الأرجاء ، ويشق هذه الجزيرة نهر النيل المبارك إلى وسطها ، وفى جنوب جزيرة مصر طريق بطول ثلاثة أشهر وهو صحراء قاحلة لا يسكنها أحد وفيها حيوانات سامة ، وفى أرض وعرة من جبل القمر ينبع نهر النيل ، وهناك تتجمع مياهه ، ويصب فى بحيرة ، ومن هناك يمتد طريقه بطول سبعة أشهر ، وشعبة من النيل تمضى إلى رشيد وأخرى تمضى إلى دمياط ، وعدة شعب من الترع أيضا تصب فى البحر.

أما فرعا رشيد ودمياط فهما الفرعان الرئيسيان وفى المواضع التى يختلط فيها ماؤها بماء البحر الأبيض تسمى مرج البحرين يلتقيان ، وتجعل ثلاثمائة ميل من ماء البحر المالح حلوا ، وتجعل لون البحر ضاربا إلى الحمرة ، وحينما تقترب سفن الترك من مصر ويريدون العلم بالاقتراب منها يتذوقون ماء البحر فإن كان عذبا أدركوا أنه لم يبق على بلوغ رشيد ودمياط إلا مائتان أو ثلاثمائة ميل وإذا كان الجو صحوا جعل ماء النيل لون ماء البحر ضاربا إلى الحمرة فيدركون أنهم اقتربوا من دمياط ورشيد ، وللنيل فرع آخر من الناحية الغربية لمصر يجرى إلى السودان وفرع آخر فى أرض المغرب فى مقابلة جزيرة كريت ، وفى بلاد بنى هلال كان يصب فى البحر الأبيض.

والآن الأماكن التى كان يجرى فيها تبدو للعيان ، ثم قطع سيف بن ذى يزن مضايق الشلالات فجرت كلها إلى نيل مصر ، والنيل لا يجرى إلى أرض بنى هلال لقد عطل ، وبعد أن خرج فرع آخر لنهر النيل من جبل القمر يجرى من الجانب الغربى إلى إقليم السودان وكان يصب فى البحر المحيط ، وفى ديار مصر مئات الآلاف من الترع المتفرعة عن النيل إلا أنها ليست طبيعية وإنما من صنع البشر ، وهى تجرى عند فيضان النيل ، وسوف نتحدث عن الترع فى موضعه بمشيئة الله تعالى .

Page 113