263

المطر ونحن كذلك في ماء المطر كثيرا إلى الشمامة وبالجملة ففضل الله علينا عميم وجوده لدينا عظيم جدا وكذا الخصب للدواب قد عم الأرض ومع ذلك أن الأرض خالية من العرب إلا قبل الشمامة بيوم قد وجدنا فيها العرب أعني نجع الخوابص (1) ومعهم نجع آخر قد طلبوا منها النزول للتسوق معهم فأراد بعض من الحجاج مساعدتهم وامتنع الكثير منه وتخلفنا للسقي والشرب من البئر قربهم ثم أتوا إلينا بتمر من تمر سيوي وهو أجود التمر ولم أر مثله في الجودة والحلاوة وحبه كبير ولونه صاف وهو معلوم عند الناس جودته وحلاوته لا سيما وأنهم يجعلونه في أوعية تحفظه بحيث لا يتغير أصلا بل زادت له رطوبة وجودة وهي من الحلفاء على شكل مخصوص من القفف غير أنها طويلة على قدر الاستطاعة وعليها غطاء وأوصاف هذا التمر أشهر من أن تذكر فاشترينا منه مع أصحابنا من طرابلس واشترى بعض أصحابنا من الركب كأخينا الفاضل سيدي أحمد الطيب ما تزود به في الطلعة في الدرب وكذا غيره واشترينا أيضا منهم شيئا من الروز (2) (الأرز) وكذا غيرنا لانقضاء الزاد عن الغالب من الحجاج فرحمنا الله بهم وتفضل علينا بوجودهم وسكنت روعتنا بالاشتراء منهم وكذلك فضل الله على وقده ولما علم من اضطرارهم وغاية احتياجهم فاطمأنت قلوبنا بهم وإلا فمن سرت ما رأينا نجعا إلا هؤلاء قرب الشمامة وهي قرب مصر لأنها خالية بالجور والظلم إذ العرب من قوي منهم يأخذ غيره وتلك سنة فيهم وعادة أجراها الله في أجدادهم ثم سرت إليهم فتمكنوا فيها غير أن الله دمرهم وأخلى منهم أرضهم لقوله صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أسرع بصاحبه كالظلم ولقوله تعالى وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول فدمرناهم تدميرا وإلا فوطنهم أحسن الأوطان

Page 286