189

أهل تلك الجهة إن كل رفقة استصحبت شيئا من تراب ذلك القبر فإنها لا يتعدى عليها أحد فيهم لا يزالون ينقلون ترابه فيجدده من يقصد الأجر من أهل تلك الجهة أو من المجتازين عليه وهو أول من أظهر السنة بطرابلس لما كانت في أفريقية الوقعة المعروفة بوقعة الشارقة سنة سبع وأربعمائة قتل فيها الشيعة واتباعهم وعلى يد الفقيه أبي الحسن قتل بطرابلس من قتل منهم وأول من قطع من الآذان حي على خير العمل وأذن في ذلك اليوم أذان أهل السنة بنفسه وقد قتل بنو عبيد بشرا كثيرا أسقطوا هذه اللفظة من آذانهم تعمدا أو نسيانا وأول من أقام للناس بطرابلس صلاة القيام وقد كان رسم هذه الصلاة انمحى من أفريقية قال الشيخ أبو الحسن القابسي رحمه الله تعالى لما دخل بنو عبيد القيروان أرادوا أن يمنعوا الناس من هذه الصلاة قال وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة فقيل لهم أنكم توغرون بهذا الفعل قلوب العامة فإنهم يقولون منعونا من الصلاة فأمروا الأئمة أن يختموا كل ليلة ختمة كاملة وإن لا ينقصون شيئا منها فصلى الناس من أول ليلة بوفره فلما كانت الليلة الثانية نقصوا ولم يزالوا ينقصون لثقل ما كلفوا به حتى خلت المساجد منهم كما أرادوا وأسقط الناس القيام بهذه الصلاة فكان الشيخ أبو الحسن ابن النمر أول من أحيى رسمها بطرابلس وقدم أبا مسلم موسى بن فرج فصلاها بالجامع الأعظم ولم تكن قبل ذلك صليت به لأنه من بناء بني عبيد وأول من أطلق للناس صلاة الضحى جهارا ولم يكن أحد في مدة بني عبيد يصليها إلا مستخفيا بها فإن ظهروا عليه قتلوه ومر بعض عمالهم برجل على شاطئ البحر يصلي وقت الضحى فسأله عن صلاته فذكر انه كان جنبا فلما مر بالبحر نزل واغتسل وقضى صلاة الصبح فلم يقبل ذلك منه وأمر به فألقي في البحر إلى أن مات انتهى كلامه (1).

Page 206