90

Rihla

رحلة ابن جبير - الجزء1

Publisher

دار بيروت للطباعة والنشر

Edition Number

الأولى

Publisher Location

بيروت

الدعاء وطهرت أبدانهم رحمة الله النازلة من سمائه إلى سطح بيته العتيق الذي هو حيال البيت المعمور وكفى بهذا المجتمع الكريم والمنتظم الشريف جعلنا الله ممن طهر فيه من أرجاس الذنوب واختص من رحمة الله تعال بذنوب١ ورحمته واسعة تسع عباده المذنبين إنه غفور رحيم. وذكروا أن الإمام أبا حامد الغزالي دعا الله ﷿ بدعوات وهو في حرمه الكريم في رغبات رفعها إلى الله جل وتعال فأعطى بعضا ومنع بعضا. وكان مما منع نزول المطر وقت مقامه بمكة وكان تمنى أن يغتسل به تحت المزاب ويدعو الله ﷿ عند بيته الكريم في الساعة التي أبواب سمائه فيها مفتوحة فمنع ذلك وأجيب دعائه في سائر ما سأله. فله الحمد وله الشكر على ما أنعم به علينا. ولعل عبدا من عباده الصالحين الوافدين على بيته الكريم خصه الله بهذه الكرامة فدخلنا جميع المذنبين في شفاعته والله ينفعنا بدعاء المخلصين من عباده ولا يجعلنا ممن شقى بدعائه إنه منعم كبير.

١ الذنوب: الدلو المملوء ماء.

ذكر ما خص الله تعالى به مكة من الخيرات والبركات هذه البلدة المباركة سبقت لها ولأهلها الدعوة الخليلية الابرهيمية وذلك أن الله ﷿ يقول حاكيا عن خليله ﷺ: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إليهم وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ٢﴾، وقال ﷿: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إليه ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ٣﴾ فبرهان ذلك فيها ظاهر متصل إلى يوم القيامة وذلك أن أفئدة الناس تهوى إليهم الأصقاع النائية والأقطار الشاحطة فالطريق

٢ سورة إبراهيم، الآية ٣٧. ٣ سورة القصص، الآية ٥٧.

1 / 96