200

Kitāb al-ridda

كتاب الردة

Editor

يحيى الجبوري

Publisher

دار الغرب الإسلامي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Publisher Location

بيروت

قَالَ: ثُمَّ جَمَعَ عِكْرِمَةُ أَصْحَابَهُ وَسَارَ حَتَّى وَافَى الْقَوْمَ، وَقَدْ تَعَبَّأَ تَعْبِئَةَ الْحَرْبِ، فَلَمْ يَكْذِبْ [١] عِكْرِمَةُ أَنْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، وَجُرِحَ عِكْرِمَةُ فِي رَأْسِهِ، وَجَاءَ اللَّيْلُ فَحَجَزَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، دَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَاقْتَتَلُوا حَتَّى أَمْسَوْا، وَالأَشْعُث لا يَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ طَالَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ الْحِصَارُ، وَاشْتَدَّ بِهِمُ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، فَأَرْسَلَ الأَشْعَثُ إِلَى زِيَادٍ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَمَانَ وَلأَهْلِ بَيْتِهِ وَلِعَشَرَةٍ مِنْ وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، فَأَجَابَهُ زِيَادٌ إِلَى ذَلِكَ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمُ الْكِتَابَ، فَظَنَّ أَهْلُ الْحِصْنِ أَنَّ الأَشْعَثَ قَدْ أَخَذَ لَهُمُ الأَمَانَ بِأَجْمَعِهِمْ، فَسَكَتُوا وَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَاتَّصَلَ الْخَبَرُ بِعِكْرِمَةَ فَقَالَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُ: يَا هَؤُلاءِ، عَلَى مَاذَا تُقَاتِلُونَ، فَقَالُوا: نُقَاتِلُكُمْ عَلَى صَاحِبِنَا الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ عِكْرِمَةُ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ طَلَبَ الأَمَانَ، وَهَذَا كِتَابُ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ إِلَيَّ يُخْبِرُنِي بِذَلِكَ، وَرَمَى الْكِتَابَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا قَرَأُوهُ قَالُوا: يَا هَذَا نَنْصَرِفُ، فَلا حَاجَةَ لَنَا فِي قِتَالِكَ بَعْدَ هَذَا.
ثُمَّ انْصَرَفَ الْقَوْمُ عَنْ مُحَارَبَةِ عِكْرِمَةَ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَسُبُّونَ الأَشْعَثَ وَيَلْعَنُونَهُ، فَأَنْشَأَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ:
(مِنَ الطَّوِيلِ)
١- رَدَدْتُ بني وهب عن الحرب بعد ما ... عَلَيْنَا بِأَسْيَافٍ حِدَادٍ تَجَمَّعُوا
٢- فَجَالَدْتُهُمْ صَدْرَ النَّهَارِ إِلَى الضُّحَى ... وَكَافَحَنِي مِنْهُمْ هُمَامٌ سَمَيْدَعُ [٢]
٣- فَلا الْقَوْمُ حَامُونَا [٣] وَلا نَحْنُ عَنْهُمُ ... وَلَكِنَّ صُلْحَ الْقَوْمِ أَبْقَى وَأَوْدَعُ
قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عِكْرِمَةُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: سِيرُوا وَأَسْرِعُوا السَّيْرَ إِلَى إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الأَشْعَثَ قَدْ طَلَبَ الأمان، فلعله أن يغنم زياد

[١] فلم يكذب: أي لم يلبث.
[٢] السّميدع: الكريم السيد الجميل الجسم الموطأ الأكناف، وقيل: هو الشجاع، ولا تقل (السّميدع) بضم السين، والذئب يقال له سميدع لسرعته، والرجل السريع في حوائجه.
(اللسان: سميدع) وفي القاموس: سميذع بالذال المعجمة. (القاموس: سميذع) .
[٣] حامونا: رامونا، أي تمكنوا منا.

1 / 207