212

============================================================

فنيته ثابتة لارادة قيام المنزلة عندهم.

وتخطر الخطرة عند سؤال الحاجة، وعند الرد عليه بالتعظيم إذا سلم، والرخص [له] في المبايعة عند الشراء، والصفح له عن الثمن ، فيركن إلى ذلك ، ويحب أن يفعل ذلك به ويتفقد ذلك منهم.

ويستتقل من لم يفعل به ذلك، ويستخف من فعل ذلك به ، ويتعمده في المبايعة وسؤال الحاجة، لما يعرف من إكرامه له ، يفرح بذلك ويرى آنهم حمقى إن لم يضوا له حوائجه، لما يعرفون منه من عمله او بره او صلاحه.

فما آمن أن يحبط ذلك أجره.

وقد يروى عن علي رضي الله عنه، أنه قال : إن الله تبارك وتعالى ، يقول للقراء يوم القيامة: ألم يكن يرخص عليكم السعر؟ ألم تكونوا تبدأون بالسلام؟ ألم تكن تقضى لكم الحوائج؟

وفي حديث آخر: لا أجر لكم، قد استوفيتم أجوركم.

وروى ابن المبارك عن وهب: أن رجلا من السياح (1) قال لأصحابه : إنا إنما فارقنا الأموال والأولاد مخافة الطغيان ، فنخاف أن يكون قد دخل علينا الطغيان في أمرنا أكثر مما دخل على أهل الأموال في أموالهم.

إن أحدنا إذا لقي أحب أن يعظم لمكان دينه . وإن سأل حالجة أحب أن تقضى لمكان دينه. وإن اشترى شيئأ أحب أن يرخص له لمكان دينه .

فخاف أن يكون قد دخل علينا الطغيان في أمرنا هذا أكثر مما دخل على أهل الأموال في أموالهم.

فبلغ ذلك ملكهم فركب إليه في الناس ، فإذا السهل والجبل قد امتلا بالناس .

(1) أهل السياحة: فرقة بالغت في اتباع سنة الهجرة، فتنقلوا من مكان إلى مكان بقصد الدعوة إلى طريق الله، وقد فصل المؤلف ما يلحقهم من الآفات هنا.

Page 211