============================================================
و أما الفرقة الثانية التي قالت: إنه من اليقين والتوكل، على الله تعالى : ألا يحذر عدو اله، فهذا غلط منهم (1) أيضا لأن أولياء الله تعالى لم يحذروا العدو باعتقاد منهم أنه يضر أو ينفع دون الله عز وجل.
ولكن طاعة لله عز وجل مع اعتقاد أنه لا تضر خطراته إن عصم الله عز وجل.
ولا ينفع حذره إن خذل الله عز وجل.
فلا تأل جهدا من الحذر إن حذرك الله عز وجل، فترك الحذر من الخذلان .
ودوام الحذر هو عصمة من الله عز وجل، لأن الحذر مهما دام حجز العبد عن القبول منه.
فكيف يكون من يچذره قد نقص توكله، وحذره عصمة من الله عز وجل، على العبد فيها أعظم النعم.
فكيف يكون من خاف ما خوف الله عز وجل تاركا لأمر الله تعالى.
وكيف والحذر هو الذي جعله من النجاة من كل ما كره الله عز وجل ، وإنما يركن العبد إلى ما كره الله عز وجل إذا ترك الحذر مما حذر الله .
فالحذر لما حذر الله منه العبد : أن يحذر العبد ان يترك الحذر مما حذر منه ، فيكون مضيعا لأمره.
وضد الحذر الأمن والغفلة.
والأمن والغفلة : ترك القيام بما أمر الله، ولكن اتبعوا أمر الله عزء وجل بذلك فكان حذرهم اتباعا لأمره من توفيق الله لهم، لا حذرا لابليس أنه يضر أو ينفع ولكن يطيعون ربهم كما أمرهم.
وذلك ما أمر النبي ه بصلاة الخوف، وأمره أن يأخذ حذره من عدوه هو والمؤمنون فقال عز من قائل: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)(2).
(2) سورة الانفال، الآية: 60.
(1) في ط: منها.
201
Page 200