Resolving Ambiguities in Quranic Language According to Interpreters: A Study of Razi and Alusi's Tafsirs
توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم عند المفسرين - دراسة في تفسيري الرازي والألوسي
Genres
فالفصل لكمال الاتصال والفاء في ﴿فَتَلَقَّى﴾ (^١) للاعتراض، إذ لا يجوز تقدم المعطوف على التأكيد، وفائدته الإشارة إلى مزيد الاهتمام بشأن التوبة وأنه يجب المبادرة إليها، ولا يمهل فإنه ذنب آخر مع ما في ذلك من إظهار الرغبة بصلاح حاله ﵇ وفراغ باله، وإزالة ما عسى يتشبث به الملائكة ﵈، وقد فضل عليهم وأمروا بالسجود له، أو كرر ليتعلق عليه معنى آخر غير الأول، إذ ذكر إهباطهم أولًا: للتعادي وعدم الخلود، والأمر فيه تكويني. وثانيًا: ليهتدي من يهتدي، ويضل من يضل، والأمر فيه تكليفي، ويسمى هذا الأسلوب في البديع الترديد فالفصل حينئذ للانقطاع لتباين الغرضين، وقيل: إن إنزال القصص للاعتبار بأحوال السابقين، ففي تكرير الأمر تنبيه على أن الخوف الحاصل من تصور إهباط آدم ﵇ المقترن بأحد هذين الأمرين من التعادي والتكليف كاف لمن له حزم، وخلا عن عذر أن تعوقه عن مخالفة حكمه تعالى، فكيف المخالفة الحاصلة من تصور الإهباط المقترن بهما؟ فلو لم يعد الأمر لعطف ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم﴾ على الأول: فلا يفهم إلا إهباط مترتب عليه جميع هذه الأمور، ويحتمل على بعد أن تكون فائدة التكرار التنبيه على أنه تعالى هو الذي أراد ذلك، ولولا إرادته لما كان ما كان؛ ولذلك أسند الإهباط إلى نفسه مجردًا عن التعليق بالسبب بعد إسناد إخراجهما إلى الشيطان، فهو قريب من قوله عز شأنه: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكن الله رمى﴾ (^٢) وقال الجبائي: إن الأول: من الجنة إلى السماء. والثاني: منها إلى الأرض، ويضعفه ذكر ﴿وَلَكُمْ فِى الارض مُسْتَقَرٌّ﴾ (^٣) عقيب الأول و﴿جَمِيعًا﴾ حال من فاعل ﴿اهبطوا﴾ أي مجتمعين، سواء كان في زمان واحد أو لا، وقد يفهم الاتحاد في الزمان من سياق الكلام، كما قيل به في ﴿فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ (^٤) وأبعد ابن عطية فجعله تأكيدًا لمصدر محذوف أي هبوطًا جميعًا» (^٥).
مثال آخر: أيضًا عند تفسير قوله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ (^٦) قال: «﴿وَيُعَلّمُكُمُ الكتاب والحكمة﴾
(^١) سورة البقرة، الآية: (٣٧). (^٢) سورة الأنفال، الآية: (١٧). (^٣) سورة البقرة، الآية: (٣٦). (^٤) سورة الحجر، الآية: (٣٠). (^٥) روح المعاني، (١/ ٢٣٩). (^٦) سورة البقرة، الآية: (١٥١).
1 / 128