فقد ذكر السرخسي في المبسوط أنه لو وطئت الدابة إنسانًا فقتلته فديته على عاقلة الراكب والكفارة عليه، وأما لو ضربت إنسانًا أو نفحته برجلها فمات فلا تلزمه الكفارة لأنه لم يباشر القتل وإنما تسبب فيه ولأنه لا يمكن التحرز منه. وإذا اصطدم الفارسان فوقعا جميعًا فماتا فعلى عاقلة كل واحدٍ منهما دية صاحبه عندنا استحسانًا، وفي القياس على عاقلة كل واحدٍ منهما نصف دية صاحبه وهو قول زفر والشافعي، وجه القياس أن كل واحدٍ منهما إنما مات بفعله وفعل صاحبه لأن الاصطدام فعل منهما جميعًا...ولكنا استحسنا لما روي عن علي ﵁ أنه جعل دية كل واحدٍ من المصطدمين على عاقلة صاحبه.
وفي مسألة اصطدام السفينتين ذكر الفقهاء أن على كل واحدٍ منهما ضمان الآخر، لكن قال الشربيني الخطيب ﵀: (محل هذا التفصيل إذا كان الاصطدام بفعلهما، أو لم يكن وقصّرا في الضبط أو سيّرا في رحٍ شديدة، فإن حصل الاصطدام لغلبة الريح فلا ضمان على الأظهر، بخلاف غلبة الدابة (أي على أحد قولي الشافعية) فإن الضبط ثمّ ممكن باللجام ونحوه...وإن تعمد أحدهما أو فرط دون الآخر، فلكلٍ حكمه)
وقال الحطاب في مواهب الجليل: قال أبو الحسن: مسألة السفينة والفرس على ثلاثة أوجه: إن علم أن ذلك من الريح في السفينة، وفي الفرس من غير راكبه فهذا لا ضمان عليهم، أو يعلم أن ذلك من سبب النواتية في السفينة، ومن سبب الراكب في الفرس فلا إشكال أنهم ضامنون، وإن أشكل الأمر حمل في السفينة على أن ذلك من الريح، وفي الفرس أنه من سبب راكبه.
وفي بداية المجتهد: اختلفوا في الفارسين يصطدمان فيموت كل واحد منهما فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة: على كل منهما دية الآخر، وذلك على العاقلة وقال الشافعي وعثمان البتي: على كل واحد منهما نصف دية صاحبه لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه.
16 / 6