134

Research on Some Contemporary Jurisprudential Issues

بحوث لبعض النوازل الفقهية المعاصرة

Genres

ورد بأن تحمل المضرة اللاحقة بسبب الإيثار لا عتب فيه إذا لم يخل بمقصد شرعي قال السيوطي: ولو أراد المضطر إيثار غيره بالطعام لاستبقاء مهجته كان له ذلك وإن خاف فوت مهجته. وأما أن بدنه حق لله تعالى فلا يملك حق التصرف والإيثار به فنقول: إن حقوق الإنسان ملك لله تعالى ولكنه يتصرف فيها بما لا مضرة فيه فيملك التصرف بماله وإن كان لا يملك إتلافه، بل لقد قال ابن القيم ﵀: يجوز الإيثار حتى في أمور الآخرة وذكر قصة عائشة ﵂ في تبرعها بموضع القبر وقال: وعلى هذا فإذا اشتد العطش بجماعة وعاينوا التلف ومع بعضهم ماء فآثر به على نفسه واستسلم للموت كان ذلك جائزًا ولم يعتبر قاتلًا لنفسه ولا أنه فعل محرمًا بل هذا غاية الجود والسخاء. ٣- مناقشة استدلالهم بالقواعد الفقهية: أما استدلالهم بقاعدة (الضرر يزال) فيجاب عنه بأنه معارضٌ لقاعدة: لا يزال الضرر بالضرر. وهنا إزالة ضرر الحي لا يكون إلا بإلحاق الضرر بالميت. وأما استدلالهم بقاعدة (المشقة تجلب التيسير) فالجواب أن هذا في رخص الشارع لا في ما شدد في النهي عنه وصانه كحرمة الآدمي. ورفع الحرج لا يكون فيما تحريمه مؤبد فمثل هذا لا تحله الضرورة كضرب الوالدين ونكاح المحارم. ٤- مناقشة احتجاجهم بأقوال الفقهاء": مناقشة استدلالهم بإباحة بعضهم أكل المضطر للميت: أجيب بأن ذلك بالنسبة للمعصوم معارضٌ لقوله تعالى: (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه) . وأما غير المعصوم وإهدار الشرع لدمه فأجيب: بأن الشرع أمر بإحسان القتلة،كما أنه نهى عن قتل من لم يحمل السلاح وعن التمثيل، وإنما أباح قتال المقاتلين، وأوجب الدعوة إلى الإسلام أولًا، لأن القتال إنما يكون لإعلاء كلمة الله لا من أجل النفس، قال ابن حزم: فلا يجوز التمثيل بكافر ولا مؤمن، وقال: وتركه لا يدفن مثلة. والمرتد ونحوه إنما يقوم بقتله الإمام للمصلحة، وهذه المصلحة غير متحققة بأكله.

23 / 25