68

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَهَذا بَابٌ طَوِيلٌ قَدْ جَمَعْنَاهُ فِي الكِتَابِ الأَوَّلِ (١).
فَادَّعَى المُعَارِضُ أَنَّ اللهَ لَا يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ، وَهُوَ عَلَى العَرْشِ بِكُلِّ مَكَانٍ، مِنْ غَيْرِ زَوَالٍ؛ لِأَنَّهُ الحَيُّ القَيُّومُ، وَالقَيُّومُ -بِزَعْمِهِ- مَنْ لَا يَزُولُ.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ حُجَجِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ بَيَانٌ، وَلَا لِمَذْهَبِهِ بُرْهَانٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ يَنْزِلُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَوَقْتٍ وَأَوَانٍ، فَمَا بَالُ النَّبِيِّ ﷺ يَحُدُّ لِنُزُولِهِ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ؟
وَيُوَقِّتُ مِنَ اللَّيْلِ شَطْرَهُ أَوِ الأَسْحَارَ؟ أَفَبِأَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ يَدْعُو العِبَادَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ؟ أَوْ يَقْدِرُ الأَمْرُ وَالرَّحْمَةُ أَنْ يَتَكَلَّمَا دُونَهُ؛ فَيَقُولَا: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَ؟! هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فأعفر لَهُ؟! هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَ؟!
فَإِنْ قَرَّرْتَ مَذْهَبَكَ لَزِمَكَ أَنْ تَدَّعِي أَن الرَّحْمَة وَالأَمْرَ اللَّذَيْنِ يَدْعُوَانِ إِلَى الإِجَابَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِكَلَامِهِمَا دُونَ الله. هَذَا مُحَالٌ عِنْدَ السُّفَهَاءِ، فَكَيْفَ عَنْدَ الفُقَهَاءِ؟! وَقَدْ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ وَلَكِنْ تُكَابِرُونَ.
وَمَا بَالُ رَحْمَتِهِ وَأَمْرِهِ يَنْزِلَانِ مِنْ عِنْدِهِ شَطْرَ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَا يَمْكُثَانِ إِلَّا إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ ثُمَّ يُرْفَعَانِ [٧/ظ]؛ لِأَنَّ رِفَاعَةَ يَرْوِيهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ: «حَتَّى يَنْفَجِرَ الفَجْرُ».
وَقَدْ عَلِمْتُمْ -إِنْ شَاءَ الله- أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَبْطَلُ بَاطِلٍ، لَا يَقْبَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ.
* * *

(١) يشير ﵀ إلى «باب النزول» من كتابه «الرد على الجهمية» (ص ٧٦).

1 / 70