284

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

كَتِفَيَّ؛ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، يَعْنِي تِلْكَ الصُّورَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خَلْقِهِ، وَالأَنَامِلُ لِتِلْكَ الصُّورَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى الله، عَلَى مَعْنَى أَنَّ الخَلْقَ كُلَّهُ للهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: كَمْ تَدْحَضُ فِي قَوْلِكَ، وَتَرْتَطِمُ فِيمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، أَرَأَيْتَكَ إِذَا ادَّعيتَ أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ صُورَةً مِنْ خَلْقِ الله سِوَى الله أَتَتْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ تَدْرِي يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ أَفَتَتَأَوَّلُ عَلَى رَسُولِ الله ﷺ أَنَّهُ أَجَابَ صُورَةَ غَيْرِ الله: «لَا يَا رَبِّ لَا أَدْرِي» فَدَعَاهَا رَبًّا، دُونَ الله، أَمْ أَتَتْهُ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَتَانِي رَبِّي»؟ إِنَّ هَذَا لَكُفْرٌ عَظِيمٌ ادَّعَيْتَهُ عَلَى رَسُولِ الله ﷺ، وَأَيَّةُ صُورَةٍ تَضَعُ أَنَامِلَهَا وَكَفَّهَا فِي كَتِفِ النَّبِيِّ ﷺ؛ فَيَتَجَلَّى لَهُ بِذَلِكَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ غَيْرُ الله؟
فَفِي دَعْوَاكَ ادَّعَيْتَ عَلَى رَسُولِ الله ﷺ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِصُورَةٍ مَخْلُوقَةٍ غَيْرِ الله؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَتِكَ أَنَّ الصُّورَةَ قَالَتْ لَهُ: «هَلْ تَدْرِي يَا مُحَمَّدُ» فَقَالَ لَهَا: «يَا رَبِّ»، وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ تَضَعُ أَنَامِلَهَا فِي كَتِفِ نَبِيٍّ مِثْلِ مُحَمَّدٍ، فَيَتَجَلَّى لَهُ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أُمُورٌ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ تِلْكَ الصُّورَةُ كَفَّهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟
وَيْحَكَ! لَا يُمْكِنُ هَذَا جِبْرِيل، وَلَا مِيكَائِيل، وَلَا إِسْرَافِيلُ، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا غَيْرُ الله، فَكَمْ تَجْلِبُ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الجَهْلِ وَالخَطَإِ، وَتَتَقَلَّدُ مِنْ تَفَاسِيرِ الأَحَادِيثِ الصَّعْبَةِ، مَا لَمْ يَرْزُقْكَ الله مَعْرِفَتَهَا، وَلَا تَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَجُرَّكَ ذَلِكَ إِلَى الكُفْرِ كَالَّذِي تَأَوَّلْتَ عَلَى رَسُولِ الله ﷺ: أَنَّ صُورَةً مَخْلُوقَةً كَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا مُحَمَّدٌ: «يَا رَبِّ»، أَمِ الله صُورَةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا، فَقَالَ: «أَتَانِي رَبِّي» لِمَا أَنَّ الله فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مُدَبِّرٌ؟
فَفِي دَعْوَاكَ يَجُوزُ لَكَ كُلَّمَا رَأَيْتَ كَلْبًا أَوْ حِمَارًا أَوْ خِنْزِيرًا قُلْتَ: هَذَا رَبِّي لِمَا أَنَّ الله مُدَبِّرٌ فِي صُوَرِهِمْ فِي دَعْوَاكَ، وَجَازَ لِفِرْعَوْنَ فِي دَعْوَاكَ أَنْ يَقُولَ: ﴿أَنَا

1 / 286