277

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كُلُّهُمْ قَالُوا: «الزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الله تَعَالَى»، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِلَى وَجْهِ الكَعْبَةِ، وَوُجُوهِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، كَمَا ادَّعَيْتَ.
وَعَلَى تَصْدِيقِ هَذِهِ الآثَارِ وَالإِيمَانِ بِهَا؛ أَدْرَكْنَا أَهْلَ الفِقْهِ وَالعِلْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَا رَوَيْتَ أَيُّهَا المُعَارِضُ عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: «أنَّ العَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ» (١) فَادَّعَيْتَ أَنَّهُ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَثَوَابِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: وَجْهُ الله فِي المَجَازِ، كَمَا يُقَالُ: وَجْهُ الحَائِطِ، وَوَجْهُ الثَّوْبِ.
وَيْلَكَ! فَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الكُفْرِ، مُحَالٌ فِي الكَلَامِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُقال لِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الوُجُوهِ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى إِنْسَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ إِلَّا وَالمُقْبِلُ بِوَجْهِهِ مِنْ ذَوِي الوُجُوهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لِلثَّوْبِ وَجْهٌ، وَللحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَقْبَلَ الثَّوْبُ بِوَجْهِهِ عَلَى المُشْتَرِي، وَأَقْبَلَ الحَائِطُ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ، لَا يُقَالُ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا مَنْ لَهُ القُدْرَةُ عَلَى الإِقْبَالِ.
وَكُلُّ قَادِرٍ عَلَى الإِقْبَالِ ذُو وَجْهٍ، هَذَا مَعْقُولٌ [٥٢/ظ] مَفْهُومٌ فِي كَلَامِ العَرَبِ، فَإِنْ جَهِلْتَهُ، فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الأَشْيَاءِ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الأَوْجُهِ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ؛ فَإِنَّكَ لَا تَأْتِي بِهِ، فَافْهَمْ، وَمَا أَرَاكَ وَلَا إِمَامَكَ تَفْهَمَانِ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ.
وَلَوْلَا كَثْرَةُ مَنْ يَسْتَنْكِرُ الحَقَّ، وَيَسْتَحْسِنُ البَاطِلَ؛ مَا اشْتَغَلْنَا كُلَّ هَذَا الِاشْتِغَالِ بِتَثْبِيتِ وَجْهِ الله ذِي الجلَال وَالإِكْرَام، ولو لم يَكُنْ فِيهِ إِلَّا اجْتِمَاعُ الكَلِمَةِ مِنَ العَالِمِينَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِ الله العَظِيمِ» و«أَعُوذُ بِوَجْهِكَ يَا رَبِّ»،

(١) تقدم تخريجه في أول هذا الفصل.

1 / 279