269

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥]، فَقَوْلُهُ الحَقُّ، وَإِنْ أَرَدْتَ عُضْوًا كَمَا تَرَى مِنَ الوجوهِ، فَهُوَ الخَالِقُ هَذِهِ الوُجُوهَ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا وَجْهُ الشَّيْءِ وَوَجْهُ الأَمْرِ، وَيَقُولُ: هَذَا وَجْهُ الثَّوْبِ وَوَجْهُ الحَائِطِ، فَقَوْلُهُ: ... ﴿وَجْهُ رَبِّكَ﴾: مَا تَوَجَّهُ بِهِ إِلَى رَبِّكَ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَقَوْلُهُ: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ يَقُولُ: ثَمَّ قِبْلَةُ النَّاسِ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: ﴿ثَمَّ وَجْهُ اللَّه﴾ ...: ثَمَّ قِبْلَةُ الله.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: لَمْ تَدَعْ غَايَةً فِي إِنْكَارِ وَجْهِ الله ذِي الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، وَالجُحُودِ بِهِ وَبِآيَاتِهِ الَّتِي تَنْطِقُ بِالوَجْهِ، حَتَّى ادَّعَيْتَ أَنَّ وَجْهَ الله الَّذِي وَصَفَهُ بِالجَلَالِ وَالإِكْرَامِ مَخْلُوقٌ، لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّهَا أَعْمَالٌ مَخْلُوقَةٌ، يُوَجَّهُ بِهَا إِلَيْهِ، وَنِعَمٌ وَإِحْسَانٌ، وَالأَعْمَالُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا، فَوَجْهُ رَبِّكَ ذِي الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ فِي دَعْوَاكَ مَخْلُوقٌ.
فَزَعَمْتَ أَيْضًا أَنَّهَا قِبْلَةُ الله، وَالقِبْلَةُ أَيْضًا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ ذِكْرِ وَجْهِهِ: وَجْهٌ مَخْلُوقٌ، لَيْسَ لله مِنْهَا وَجْهٌ مَعَهُ، وَلَا هُوَ ذُو وَجْهٍ فِي دَعْوَاكَ.
وَكِتَابُ الله المُكَذِّبُ لَكَ فِي دَعْوَاكَ، وَهُوَ مَا تلوت أَيُّهَا المُعَارِضُ مِنْ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي كُلُّهَا نَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِكَ، وَآخِذَةٌ بِحَلْقِكَ، أَوَ تَأْثُرُ تَفْسِيرَكَ هَذَا عَنْ رَسُولِ الله ﷺ بِأَثَرٍ مَأْثُورٍ مَنْصُوصٍ مَشْهُورٍ؟ وَلَنْ تَفْعَلَهُ أَبَدًا، لِمَا قد رُوِيَ عَنهُ خِلَافه وهو قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] قَالَ: «النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الله».
أَفَيَجُوزُ أَنْ يُتَأوَّلَ هَذَا: أَنَّهُ قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى الكَعْبَةِ، أَوْ إِلَى أَعْمَالِ المَخْلُوقِينَ؟ وَكَانَ يَدْعُو: «اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ» فَيَجُوزُ فِي تَأْوِيلِكَ أَنْ يَقُولَ: اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لذَّة النَّظَرِ إِلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ أَعْمَالِ

1 / 271