261

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَأَمَّا دَعْوَاكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: جَارِحٌ مُرَكَّبٌ؛ فَهَذَا كُفْرٌ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَلَكنَّا نُثْبِتُ لَهُ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالعَيْنَ بِلَا تَكْيِيفٍ، كَمَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَثْبَتَهُ لَهُ الرَّسُولُ ﷺ، وَهَذَا الَّذِي تُكَرِّرُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ جَارِحٌ وَعُضْوٌ وَمَا أَشْبَهَهُ، حَشْوٌ وَخُرَافَاتٌ، وَتَشْنِيعٌ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِينَ.
وَقَدْ رَوَيْنَا آياتِ السَّمْعِ وَالبَصَرِ وَالعَيْنِ فِي صَدْرِ هَذَا الكِتَابِ بِأَسَانِيدِهَا وَألفَاظِهَا عَنْ رَسُولِ الله ﷺ، فَنَقُولُ كَمَا قَالَ، وَنُعَيِّنُ بِهَا كَمَا عَيَّن، وَالتَّكْيِيفُ عَنَّا مَرْفُوعٌ، وَذِكْرُ الجَوَارِحِ وَالأَعْضَاءِ تَكَلُّفٌ مِنْك، وتَشْنِيعٌ.
وَادَّعَى المُعَارِضُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ رَوَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالَحٍ، عَنِ العَلَاءِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ[٤٩/ظ]: «إِنَّكُمْ لَنْ تقرَّبوا إِلَى اللهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ». يَعْنِي القُرْآنَ (١).
فادَّعى المُعَارِضُ أَنَّ الثَّلْجِيَّ قَالَ فِي هَذَا -مِنْ كِتَابٍ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ الثَّلْجِيِّ- قَالَ: ذَهَبَتِ المُشَبِّهَةُ فِي هَذَا إِلَى مَا يَعْقِلُوا مِنَ الكَلَامِ مِنَ الجَوْفِ فَنَاقَضُوا إِذْ صَحَّحُوا أَنَّهُ الصَّمْدُ، وَالصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، فَاحْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ أَيْ مِنْ عِنْدِهِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ مِنْهُ، كَمَا يُقال: خَرَجَ لَنَا مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنَ الخَيْرِ، وَخَرَجَ العَطَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، لَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ.
فيُقال لِهَذَا المُعَارِضِ وَلِإِمَامِهِ الثَّلْجِيِّ: قَدْ فَهِمْنَا مُرَادَكَ، إِنَّمَا تُرِيدُ نَفْيَ الكَلَامِ عَنِ الله تَعَالَى، مُشَنِّعًا بِذِكْرِ الجَوْفِ، فَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنَ الله فَلَا يَشُكُّ فِيهِ

(١) مرسل، أخرجه الترمذي (٢٩١٢)، وأبو داود في المراسيل (٥٣٨)، وعبد الله بن أحمد في السنة (١٠٩)، ومن طريقه ابن بطة في الإبانة (٥/ ٢٣٣)، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به. والمحفوظ منه المرسل، وإلا فقد روي موصولا من حديث أبي ذر، مرفوعًا، ولكنه وهم من بعض الرواة.

1 / 263