215

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

فَلَوْ أَنَّهُ أَلَّفَ لَهُمْ كُتُبًا فِي مَعَالِمِ دِينِهِمْ مِنْ نَحْوِ الوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا؛ كَانَ أَوْلَى بِهِ وَأَسْلَمَ لِدِينِهِ وَأَنْفَعَ لِمَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ المُسْلِمِينَ.
غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّهُ اضطَمَرَ هَذَا الرَّأْيَ قَدِيمًا، وَكَانَ يَجِيشُ فِي صَدْرِهِ، ولَا يُمْكِنُهُ كَظْمُهُ حَتَّى هَمَّ بِإِظْهَارِهِ فِيمَا بَلَغَنِي مرَّة، فَأَنْكَرَهَا عَلَيْهِ عُلَمَاؤُهَا وفُقَهَاؤُهَا وَاسْتَتَابُوهُ مِنْهَا فَتَابَ، وَعَاهَدَهُمْ أَنْ لَا يَعُودَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ عِيلَ صَبْرُهُ بَعْدَ وَفَاةِ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءِ حَتَّى عَرَّفَ بِمَا [في] صَدرَهُ فَافْتُضِحَ وَفَضَحَ أَئِمَّتَهُ، وَضَلَّ وَأَضَلَّ وَجَهِلَ فَلَمْ يَعْقِلْ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُعْجَبٌ بِالإِصَابَةِ غَافِلٌ عَمَّا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الإِثْمِ وَالعَارِ وَالنَّقْصِ مِنْ كِتَابِ الله وَآثَارِ رَسُولِ الله ﷺ وَمَذَاهِبِ الصَّالِحِينَ، وَلَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ، لَكَانَ أَنْ يَكُونَ أَخْرَسَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فَكَانَ يَسْتَتِرُ مِنَ الِافْتِضَاحِ بِهِ حَتَّى أَنْطَقَ اللهُ بِلِسَانِهُ وَصَرَّحَ بِالمَخْلُوقِ أَيْضًا فِي كَلَامٍ مُمَوَّهٍ عِنْدَ السُّفَهَاءِ، مَكْشُوفٍ عِنْدَ الفُقَهَاءِ.
فَادَّعَى أَيْضًا أَنَّ كَلَامَ الله يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَفَاعِيلِهِ، وَأَنَّ أَفَاعِيلَهُ زَائِلَةٌ عَنْهُ. وَكُلُّ زَائِلٍ عَنِ الله مَخْلُوقٌ فِي دَعْوَاهُ.
فَلَمْ يَزَلْ يَعِيبُ عَنْ هَذَا القَوْلِ، [٣٩/و] وَيُلَجْلِجُ بِهِ فِي صَدره حَتَّى صَرَّحَ
بِهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ بِالبِلَادِ مَنْ يَفْطِنُ لِمَذْهَبِهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ فِعْلُ اللهِ الزَّائِلُ عنه؛ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ: كَلَامُ الله؛ لِأَنَّ القَوْلَ غَيْرُ الفِعْلِ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ، وَالمَفْعُولَاتُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهِ، فَقَدْ صَرَّحَ بِالمَخْلُوقِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَمَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بَعْدَمَا عَابَ مَنْ قَالَهُ، وَرَجَعَ عَيْبُهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ.
أرأيتك أَيهَا المعَارض إِذْ ادَّعَيْتَ فِي بَعْضِ كَلَامِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَا يُزَادُ على أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ اللهِ ثُمَّ يَسْكُتُ عَمَّا وَرَاءَ

1 / 217