129

Refutation of Al-Darimi against Al-Marisi - Edited by Al-Shawami

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Investigator

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

الآخِرَةِ وَلَكِنْ فِي الدُّنْيَا.
وَقَدْ سَبَقَ مِنَ اللهِ القَوْلُ بِأَنَّهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] أَبْصَارُ أَهْلِ الدُّنْيَا؛ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ، وَسُؤَالِهِمْ عَمَّا حَظَرَهُ الله على أَهْلِ الدُّنْيَا، وَلَوْ قَدْ سَأَلُوهُ رُؤْيَتَهُ فِي الآخِرَةِ كَما سَأَلَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ مُحَمَّدًا ﷺ، لَمْ تُصِبْهُمْ تِلْكَ الصَّاعِقَةُ، وَلَمْ يقل لَهُم إِلَّا مَا قَالَ مُحَمَّدٌ ﷺ لِأَصْحَابِهِ إِذْ سَأَلُوهُ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ» فَلَمْ يَعِبْهُمُ الله وَلَا رَسُولُهُ بِسُؤَالِهِمْ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ حَسَّنَهُ لَهُمْ وَبَشَّرَهُمْ بِهَا بُشْرَى جَمِيلَةً، كَمَا رَوَيْتَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ عَنْهُ.
وَقَدْ بَشَّرَهُمُ الله تَعَالَى بِهَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ تَعَالَى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وَقَالَ لِلْكُفَّارِ ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)﴾ [المطففين: ١٥]، فقوم مُوسَى سألوا نَبِيَّهُمْ مَا قَدْ حَظَرَهُ الله عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وَسَأَلَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيَّهُمْ مَا أَخْبَرَ الله أَنَّهُ سَيُعْطِيهِمْ وَيُثِيبُهُمْ بِهِ، فَصُعِقَ قَوْمُ مُوسَى بِسُؤَالِهِمْ مَا لَا يَكُونُ، وَسَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ بِسُؤَالِهِمْ مَا يَكُونُ.
وَمَتَى عَابَ اللهُ عَلَى قَوْمِ مُوسَى سُؤَالَ الرُّؤْيَةِ فِي الآخِرَةِ، فَتَفْتَرِيَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ؟ تَكْذِبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، وَالله لَا يُحِبُّ الكَاذِبِينَ.
وَقَدْ فَسَّرْنَا أَمْرَ الرُّؤْيَةِ، وَرَوَيْنَا مَا جَاءَ فِيهَا مِنَ الآثَارِ فِي الكِتَابِ الأَوَّلِ، الَّذِي أَمْلَيْنَاهُ فِي الجَهْمِيَّةِ (١)، وَرَوَيْنَا مِنْهَا صَدْرًا فِي صَدْرِ هَذَا الكِتَابِ أَيْضًا، فَالتَمِسُوهَا هُنَالِكَ، وَاعْرِضُوا أَلْفَاظَهَا عَلَى قُلُوبِكُمْ وَعُقُولِكُمْ؛ يَنْكَشِفْ لَكُمْ

(١) ينظر «باب الرؤية» من كتاب «الرد على الجهمية للدارمي» ص ٩٨ بتحقيقي.

1 / 131