285

مهدك الحقول وفيه ثعابينها، سريرك المعادن وفيه سمومها، عرشك جبال الثروة وحوله وحوشها. ويل لأبنائك وعشاقك

أحشاؤك من الحديد وفيها عقمه، صدرك من الخشب وفيه سوسه، فمك من النحاس وعليه صداؤه، جبينك من الرخام وفي جماله جموده. ويل لأبنائك وعشاقك

تشربين ذوب الإبريز، وتأكلين معجون اللجين، وتنتعلين أجنحة العلم، وتلبسين الفاخر من الحرير النادر من الحلي، وقلبك قار يشتعل، ويل لأبنائك وعشاقك

أبنت الألوان والأنوار، شعرك في الليل أشقر، وأسحم في النهار، تصبغينه لكل مراود وتغسلينه لكل مغيار. ويل لأبنائك وعشاقك

أبنت الهمس والصياح، ليس في صوتك نغمة من أنغام الفجر والصباح، بل في صوتك رنة الذهب وجموده، إن في الملاهي وإن في الأسواق، إن في المصارف وإن في الكنائس. ويل لأبنائك وعشاقك

أبنت الثروة والاحتكار، في مخازنك خيرات الأرض، وفي خزائنك الأموال والحلي، وفي قصورك عجائب الحضارة، وفي جاداتك بهاؤها وضجيجها وهولها وعجيجها، وفي أكواخك الظلمة والفقر والجوع والأنين، ويل لأبنائك وعشاقك

في أسلاك قلبك أبناء الحب والخداع، وفي عروقك أعباء التجارة والأطماع، وفي أعصابك اهتزازات شرور السرور، وفي ربلاتك شهوات صرعى الغرام، ويل لأبنائك وعشاقك

لله منك حرة نعارة، تاجرة فاجرة، عذراء الجنون أنت وزانية الفنون، في فسقك وفي برك سلطانة أثيمة. ويل لأبنائك وعشاقك

مهلا بنت المعادن والكهرباء، مهلا ربة العمل والغناء، إن من ذي الأرض جمالك لا من السماء

جمالك نور في زجاج يزول إذا كسر الزجاج، جمالك في قصورك لا في خدورك، في مسراتك، لا في مبراتك

Unknown page