Rawdat Wacizin
روضة الواعظين و بصيرة المتعظين - الجزء1
Genres
ورحمة الله وبركاته، فأحيا الله تعالى بقدرته المثرم، فقام قائما يمسح وجهه، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا ولي الله والإمام بعد نبي الله؛ فقال أبو طالب: ابشر؛ فإن عليا قد اطلع إلى الأرض. فقال: ما كانت علامة الليلة التي طلع فيها، قال أبو طالب: لما مضى من الليل الثلث أخذت فاطمة فيها ما يأخذ النساء عند الولادة، فقلت لها: مالك يا سيدة النساء؟ قالت: إني أجد وهجا، فقرأت عليها الاسم الذي فيه النجاة فسكنت، فقلت لها: إني أنهض فآتيك بنسوة من صواحبك تعينك على أمرك في هذه الليلة. قالت : رأيك يا أبا طالب.
فلما قمت لذلك إذ أنا بهاتف يهتف من زاوية البيت، وهو يقول: أمسك يا أبا طالب؛ فإن ولي الله لا يمسه يد نجسة، وإذا أنا بأربع نسوة دخلن عليها وعليهن ثياب كهيئة الحرير الأبيض، وإذا رائحتهن أطيب من المسك الأذفر، فقلن لها:
السلام عليك يا ولية الله، فأجابتهن، ثم جلسن بين يديها ومعهن جونة (1) من فضة، فآنسنها حتى ولد أمير المؤمنين (عليه السلام).
فلما ولد انتهيت إليه فإذا هو كالشمس الطالعة قد سجد على الأرض وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أن عليا وصي رسول الله، بمحمد يختم الله النبوة؛ وبي يتم الوصية، وأنا أمير المؤمنين.
فأخذته واحدة منهن من الأرض، ووضعته في حجرها، فلما نظر علي في وجهها ناداها بلسان ذلق ذرب: السلام عليك يا اماه. فقالت: وعليك السلام يا بني، فقال: ما خبر والدي؟ فقالت: في نعم الله يتقلب، وفي صحبته يتنعم، فلما سمعت ذلك لم أتمالك أن قلت يا بني! ألست بأبيك؟ قال: بلى، ولكني وإياك من
Page 197