Rawdat Wacizin
روضة الواعظين و بصيرة المتعظين - الجزء1
Genres
إنه لما أخذني الطلق واشتد بي الأمر سمعت جلبة (1) وكلاما لا يشبه كلام الآدميين، ورأيت علما من سندس على قضيب من ياقوته قد ضرب بين السماء والأرض، ورأيت نورا يسطع من رأسه حتى بلغ السماء، ورأيت قصور الشامات كأنها شعلة نار (2)، ورأيت حولي من القطاة أمرا عظيما؛ قد نشرت أجنحتها حولي، ورأيت شعيرة الأسدية قد مرت وهي تقول: آمنة! ما لقيت الكهان والأصنام من ولدك؟! ورأيت رجلا شابا من أتم الناس طولا، وأشدهم بياضا وأحسنهم ثيابا ما ظننته إلا عبد المطلب قد دنا مني، فأخذ المولود فتفل في فيه، واستنطقه فنطق، فلم أفهم ما قال إلا أنه قال: في أمان الله وحفظه وكلاءته، قد حشوت قلبك إيمانا وعلما وحلما ويقينا وعقلا وشجاعة، أنت خير البشر، طوبى لمن اتبعك، وويل لمن تخلف عنك، ثم أخرج صرة من حريرة بيضاء، ففتحها فإذا فيها خاتم، فضرب على كتفه (3)، ثم قال: أمرني ربي أن أنفخ فيك من روح القدس، فنفخ فيه، وألبسه قميصا وقال: هذا أمانك من آفات الدنيا؛ فهذا ما رأيت يا عباس.
[177] 3- قال- يعني العباس-: وأنا يومئذ أقرأ، فكشفت (4) عن ثوبه فإذا خاتم النبوة بين كتفيه، فلم أزل أكتم شأنه وانسيت (5) الحديث، فلم أذكره إلى يوم
Page 170