Rawdat Wacizin
روضة الواعظين و بصيرة المتعظين - الجزء1
Genres
وعلت كلمته إلا أن قريشا على عداوتها وحسدها، فاجتمعوا إلى أبي طالب ورسول الله (صلى الله عليه وآله) عنده، فقالوا: نسألك من ابن أخيك النصف. قال: وما النصف منه؟ قالوا: ليكف (1) عنا ونكف عنه؛ فلا يكلمنا ولا نكلمه، ولا يقاتلنا ولا نقاتله؛ ألا إن (2) هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب، وزرعت الشحناء، وأنبتت البغضاء.
فقال: يا ابن أخي، إن (3) بني عمك وعشيرتك يسألونك النصف وأن تكف عنهم ويكفوا عنك.
فقال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي وقبلوا نصيحتي، وإن الله عز وجل أمرني أن أدعو إلى دينه الحنيفية ملة إبراهيم؛ فمن أجابني فله عند الله الرضوان والخلود في الجنان، ومن عصاني قاتلته (4) حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
فقالوا: يا أبا طالب سله، أرسله الله إلينا خاصة أم إلى الناس كافة؟ فقال أبو طالب: يا بن أخ، إلى الناس كافة أرسلت أم إلى قومك خاصة؟ قال: لا، بل إلى الناس ارسلت كافة إلى الأبيض والأسود والأحمر والعربي والعجمي، والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الأمر الأبيض والأسود، ومن على رءوس الجبال، ومن في لجج البحار، ولأدعون السنة فارس والروم، فتحيرت قريش واستكبرت وقالت: أما تسمع إلى ابن أخيك وما يقول؟! والله لو سمعت فارس
Page 146