الفصل الثانى فى معرفة الفرنجة وبحارهم وجزرهم

أرض الفرنجة منبسطة وعريضة، وهى مملكة واسعة فى الجانب الغربى الشمالى من الربع المسكون وحدودها: أولا: من الجنوب بحر الروم ويمتد طوله من المغرب إلى المشرق بين طنجا والشام، والثانى: من الطرف الشمالى لبلاد الروس والترك وغيرهما، والثالث: الحد الشرقى بلاد اليونان، والرابع: بحر المحيط الغربى المعروف بباد قيانس 2؟، وتنقسم هذه المملكة إلى ثلاثة أقسام: أولها: من جهة المشرق بلاد ألمانيا، والثانى: وسط بلاد أفريقيا، والثالث: آخر بلاد الأندلس.

وأصل هذه المملكة مدينة روما العظمى وحاضرتها فرنكستان، وأول شخص بناها ستورنوس، واسمه فى التوراة النمرود، وكان له ولد عاق فخشى أن يكون له أخ فاعتقل أباه، وجعله خادما، فهرب ستورنوس 3 من استيلاء وغلبة ابنه، ومضى إلى أرض الروم، فوجد مكانا عظيما نزها خصبا، فبنى مدينة روما، وبنى كل قائد بناء حسب منزلته، وبعد ذلك عند ما أفضى الملك إلى بروطوس، جعل لهذه المدينة سورا، ووضع اسمه عليه، ويسمونه العجم هروما، وأصبحت وسط دار ملك بلاد الفرنجة، محيطها حوالى عشرين فرسخا، وشيدوا ثلاثمائة وستين برجا على سور هذه المدينة، وشيدوا هذا السور فى شهر آيار الرومى، وهو بعد أربعة آلاف ومائة وثمانين عاما بعد تاريخ آدم (عليه السلام)، وحكم سبعين بعد روملوس 4 من أبنائه على التوالى فى فترة تبلغ مائة وأربعين عاما، وكان سقراط الحكيم فى زمانهم.

Page 291