Rawdat Talibin

al-Nawawi d. 676 AH
84

Rawdat Talibin

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إِلَيْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يَقْصِدِ الْقُرْآنَ، جَازَ، كَقَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ قَالَ: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) الزُّخْرُفِ: الْآيَةُ ١٣. عَلَى قَصْدِ سُنَّةِ الرُّكُوبِ. وَلَوْ جَرَى هَذَا عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ قُرْآنًا وَلَا ذِكْرًا، جَازَ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَثْبَتَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ قَوْلًا قَدِيمًا أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ. قُلْتُ: وَلَوْ كَانَ فَمُ غَيْرِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ نَجِسًا، فَفِي تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ. وَلَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ. وَيَجُوزُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ مَا يُسْتَحَبُّ تِلَاوَتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ، فَحَرَامٌ عَلَى الْجُنُبِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعُبُورُ، لَكِنْ يُكْرَهُ إِلَّا لِغَرَضٍ، بِأَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ طَرِيقَهُ إِلَى مَقْصِدِهِ، أَوْ أَقْرَبَ الطَّرِيقَيْنِ إِلَيْهِ، وَفِي وَجْهٍ: إِنَّمَا يَجُوزُ الْعُبُورُ إِذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ سِوَاهُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَيَحْرُمُ التَّرَدُّدُ فِي جَوَانِبِهِ، فَإِنَّهُ كَالْمُكْثِ. وَيَجُوزُ الْمُكْثُ لِلضَّرُورَةِ، بِأَنْ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ، فَاحْتَلَمَ وَلَمْ يُمْكِنِ الْخُرُوجُ، لِإِغْلَاقِ الْبَابِ، أَوْ خَوْفِ الْعَسَسِ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى النَّفْسِ، أَوِ الْمَالِ. وَيَجِبُ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَتَيَمَّمُ بِتُرَابِهِ. قُلْتُ: يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي (الْأُمِّ) وَالْأَصْحَابُ ﵏. وَلَوِ احْتَلَمَ فِي مَسْجِدٍ لَهُ بَابَانِ، أَحَدُهُمَا أَقْرَبُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ، فَإِنْ عَدَلَ إِلَى آخَرَ لِغَرَضٍ، لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ، لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 86