306

Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Editor

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

وَلَوْ شَكَّ فِي ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ، كَالسَّلَامِ وَالْكَلَامِ نَاسِيًا، فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، وَلَا سُجُودَ. وَلَوْ تَيَقَّنَ السَّهْوَ، وَشَكَّ هَلْ سَجَدَ لَهُ، أَمْ لَا؟ فَلْيَسْجُدْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السُّجُودِ. وَلَوْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ سَجْدَةً، أَمْ سَجْدَتَيْنِ؟ سَجَدَ أُخْرَى.
قُلْتُ: وَلَوْ تَيَقَّنَ السَّهْوَ، وَشَكَّ هَلْ هُوَ تَرْكُ مَأْمُورٍ، أَوِ ارْتِكَابُ مَنْهِيٍّ - سَجَدَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا، أَمْ أَرْبَعًا، أَخَذَ بِالْأَقَلِّ، وَأَتَى بِالْبَاقِي، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ. وَلَا يَنْفَعُهُ الظَّنُّ، وَلَا أَثَرَ لِلِاجْتِهَادِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ غَيْرِهِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: أَنَّهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِ جَمْعٍ كَثِيرٍ كَانُوا يَرْقُبُونَ صَلَاتَهُ.
وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ إِذَا قَامَ إِلَى رَكْعَةٍ ظَنَّهَا رَابِعَةً، وَعِنْدَ الْقَوْمِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ، فَنَبَّهُوهُ، لَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: يَرْجِعُ إِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ السُّجُودِ، إِذَا شَكَّ: هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا، أَمْ أَرْبَعًا؟ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٌ: الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الْخَبَرُ، وَلَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ. وَاخْتَارَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ. وَقَالَ الْقَفَّالُ، وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَصَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) وَآخَرُونَ: سَبَبُهُ: التَّرَدُّدُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا، هَلْ هِيَ رَابِعَةٌ، أَمْ زَائِدَةٌ تُوجِبُ السُّجُودَ، وَهَذَا التَّرَدُّدُ يَقْتَضِي الْجَبْرَ بِالسُّجُودِ.
قُلْتُ: الثَّانِي أَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَوْ زَالَ التَّرَدُّدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَعَرَفَ أَنَّ الَّتِي يَأْتِي بِهَا رَابِعَةٌ، لَمْ يَسْجُدْ عَلَى الْأَوَّلِ. وَعَلَى الثَّانِي: يَسْجُدُ. وَضَبَطَ أَصْحَابُ هَذَا الْوَجْهِ صُورَةَ الشَّكِّ وَزَوَالِهِ فَقَالُوا: إِنْ كَانَ مَا فَعَلَهُ مِنْ وَقْتِ عُرُوضِ الشَّكِّ إِلَى زَوَالِهِ، مَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ، فَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. فَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ سَجَدَ. مِثَالُهُ: شَكَّ فِي قِيَامِهِ فِي الظُّهْرِ أَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ ثَالِثَةٌ، أَمْ رَابِعَةٌ؟ فَرَكَعَ وَسَجَدَ عَلَى هَذَا الشَّكِّ، وَهُوَ عَلَى عَزْمِ الْقِيَامِ إِلَى رَكْعَةٍ أُخْرَى أَخْذًا بِالْيَقِينِ، ثُمَّ

1 / 308