303

Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Editor

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَتَذَكَّرَ قَبْلَ الِانْتِصَابِ. فَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ ﵏: يَرْجِعُ إِلَى التَّشَهُّدِ. وَالْمُرَادُ بِالِانْتِصَابِ، الِاعْتِدَالُ وَالِاسْتِوَاءُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي وَجْهٍ: الْمُرَادُ بِهِ: أَنْ يَصِيرَ إِلَى حَالٍ هِيَ أَرْفَعُ مِنْ حَدِّ أَقَلِّ الرُّكُوعِ. ثُمَّ إِذَا عَادَ قَبْلَ الِانْتِصَابِ، هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَسْجُدُ. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمُ الْقَفَّالُ: إِنْ صَارَ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى الْقُعُودِ، ثُمَّ عَادَ، سَجَدَ. وَإِنْ كَانَ إِلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ، أَوْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، لَمْ يَسْجُدْ، لِأَنَّهُ إِذَا صَارَ إِلَى الْقِيَامِ أَقَرِبَ فَقَدْ أَتَى بِفِعْلٍ يُغَيِّرُ نَظْمَ الصَّلَاةِ، (وَ) لَوْ تَعَمَّدَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَبْطَلَ الصَّلَاةَ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَآخَرُونَ: إِنْ عَادَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ لَمْ يَسْجُدْ. وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَيْهِ سَجَدَ. وَالْمُرَادُ بِحَدِّ الرُّكُوعِ أَكْمَلُهُ لَا أَقَلُّهُ. بَلْ لَوْ قَرُبَ فِي ارْتِفَاعِهِ مِنْ حَدِّ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ، فَهُوَ فِي حَدِّ الرَّاكِعِينَ، صَرَّحَ بِهِ فِي (النِّهَايَةِ) . وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ، مَعَ عِبَارَةِ الْقَفَّالِ وَرُفْقَتِهِ مُتَقَارِبَتَانِ، وَالْأُولَى أَوْفَى بِالْغَرَضِ، وَهِيَ أَظْهَرُ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ، وَبِهَا قَطَعَ فِي (التَّهْذِيبِ) وَهِيَ كَالتَّوَسُّطِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَحَمْلِهِمَا عَلَى الْحَالَيْنِ. ثُمَّ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَالَتَيْنِ هُوَ فِيمَا إِذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، وَنَهَضَ نَاسِيًا. فَأَمَّا إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الِانْتِصَابِ وَالِاعْتِدَالِ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَ مَا صَارَ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِنْ عَادَ قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ. وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا، فَافْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهُ فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ، وَجَاءَ وَقْتُ الثَّالِثَةِ، لَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى الْقِرَاءَةِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ، فَلَهُ الْعَوْدُ إِلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ. وَتَرْكُ الْقُنُوتِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّشَهُّدِ، فَإِذَا نَسِيَهُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَجُزِ الْعَوْدُ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَلَهُ الْعَوْدُ. ثُمَّ إِنْ عَادَ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَدَّ الرَّاكِعِينَ، سَجَدَ لِلسَّهْوِ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَلَا.

1 / 305