Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn
روضة الطالبين وعمدة المفتين
Editor
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1412 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shāfiʿī Law
الشَّرْطُ السَّابِعُ: الْكَفُّ عَنِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ. اعْلَمْ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: مِنْ جِنْسِهَا. وَالثَّانِي: لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا. فَالْأَوَّلُ: إِذَا فَعَلَهُ نَاسِيًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، كَمَنْ زَادَ رُكُوعًا، أَوْ سُجُودًا أَوْ رَكْعَةً. وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ، سَوَاءٌ قَلَّ أَمْ كَثُرَ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ. وَالْقَلِيلُ لَا يُبْطِلُ. وَفِي ضَبْطِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا: الْقَلِيلُ مَا لَا يَسَعُ زَمَانُهُ فِعْلَ رَكْعَةٍ. وَالْكَثِيرُ مَا يَسَعُهَا. وَالثَّانِي: كُلُّ عَمَلٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى كِلْتَا يَدَيْهِ، كَرَفْعِ الْعِمَامَةِ، وَحَلِّ أُنْشُوطَةِ السَّرَاوِيلِ فَقَلِيلٌ. وَمَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ كَتَكْوِيرِ الْعِمَامَةِ، وَعَقْدِ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ فَكَثِيرٌ. وَالثَّالِثُ: الْقَلِيلُ مَا لَا يَظُنُّ النَّاظِرُ إِلَيْهِ أَنَّ فَاعِلَهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ. وَالْكَثِيرُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا. وَضُعِّفَ هَذَا بِأَنَّ مَنْ رَآهُ يَحْمِلُ صَبِيًّا، أَوْ يَقْتُلُ حَيَّةً، أَوْ عَقْرَبًا، يَتَخَيَّلُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَهَذَا لَا يَضُرُّ قَطْعًا. وَالرَّابِعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ إِلَى الْعَادَةِ. فَلَا يَضُرُّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ قَلِيلًا كَالْإِشَارَةِ بِرَدِّ السَّلَامِ، وَخَلْعِ النَّعْلِ، وَلِبْسِ الثَّوْبِ الْخَفِيفِ، وَنَزْعِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالُوا: الْفِعْلَةُ الْوَاحِدَةُ، كَالْخُطْوَةِ وَالضَّرْبَةِ، قَلِيلٌ قَطْعًا. وَالثَّلَاثُ: كَثِيرٌ قَطْعًا. وَالِاثْنَتَانِ: مِنَ الْقَلِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ. ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ إِنَّمَا يُبْطِلُ إِذَا تَوَالَى. فَإِنْ تَفَرَّقَ بِأَنْ خَطَا خُطْوَةً، ثُمَّ بَعْدَ زَمَنٍ خَطَا أُخْرَى، أَوْ خُطْوَتَيْنِ ثُمَّ خُطْوَتَيْنِ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ، وَقُلْنَا: إِنَّهُمَا قَلِيلٌ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ فَهِيَ كَثِيرَةٌ، لَمْ يَضُرَّ قَطْعًا. وَحَدُّ التَّفْرِيقِ: أَنْ يُعَدَّ الثَّانِي مُنْقَطِعًا عَنِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ فِي (التَّهْذِيبِ): عِنْدِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قَدْرُ رَكْعَةٍ. ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْفِعْلَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي لَا تُبْطِلُ، مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ، فَإِنْ أَفْرَطَتْ كَالْوَثْبَةِ
1 / 293