243

Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Editor

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

لَا يَنْقُصَ حُرُوفُ كُلِّ الْآيَاتِ عَنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ الْآيَاتِ السَّبْعِ، بِقَدْرِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجْعَلَ آيَتَيْنِ مَقَامَ آيَةٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَعْدِلَ حُرُوفَ كُلِّ آيَةٍ مِنْ حُرُوفِ آيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَتَكُونُ مِثْلَهَا أَوْ أَطْوَلَ، وَالثَّالِثُ: يَكْفِي سَبْعُ آيَاتٍ نَاقِصَاتِ الْحُرُوفِ، كَمَا يَكْفِي صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ عَنْ طَوِيلٍ.
ثُمَّ إِنْ أَحْسَنَ سَبْعَ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ إِلَى الْمُتَفَرِّقَةِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَّا مُتَفَرِّقَةً أَتَى بِهَا، وَاسْتَدْرَكَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: لَوْ كَانَتِ الْآيَةُ الْمُفْرَدَةُ لَا تُفِيدُ مَعْنًى مَنْظُومًا إِذَا قُرِئَتْ وَحْدَهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (ثُمَّ نَظَرَ) [الْمُدَّثِّرِ: ٢١] فَيَظْهَرُ أَنْ لَا نَأْمُرَهُ بِقِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ، وَنَجْعَلَهُ كَمَنْ لَا يُحْسِنُ قِرَاءَةً أَصْلًا.
قُلْتُ: قَدْ قَطَعَ جَمَاعَةٌ بِأَنْ تُجْزِئَهُ الْآيَاتُ الْمُتَفَرِّقَةُ وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْمُتَوَالِيَةَ، سَوَاءٌ فَرَّقَهَا مِنْ سُورَةٍ أَوْ سُورٍ؛ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ البَنْدَنِيجِيُّ، وَصَاحِبُ (الْبَيَانِ) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي (الْأُمِّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا لَوْ كَانَ الَّذِي يُحْسِنُهُ دُونَ السَّبْعِ، كَآيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا يَقْرَأُ مَا يُحْسِنُهُ، وَيَأْتِي بِالذِّكْرِ عَنِ الْبَاقِي، وَالثَّانِي: يُكَرِّرُ مَا يَحْفَظُهُ حَتَّى يَبْلُغَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ. أَمَّا الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ كَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ، وَفِي الذِّكْرِ الْوَاجِبِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَيَكْفِيهِ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الْخَمْسُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ، وَيَجِبُ مَعَهَا كَلِمَتَانِ مِنَ الذِّكْرِ، لِيَصِيرَ سَبْعَةَ أَنْوَاعٍ مَقَامَ سَبْعِ آيَاتٍ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ أَنْوَاعُ الذِّكْرِ لَا أَلْفَاظٌ مُفْرَدَةٌ.
وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ مِنَ الذِّكْرِ، وَلَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُنْقِصَ حُرُوفَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ؟

1 / 245