Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn
روضة الطالبين وعمدة المفتين
Investigator
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1412 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shāfiʿī Law
فَصْلٌ
فِي النِّيَّةِ:
يَجِبُ مُقَارَنَتُهَا التَّكْبِيرَ، وَفِي كَيْفِيَّةِ الْمُقَارَنَةِ، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يَبْتَدِئَ النِّيَّةَ بِالْقَلْبِ، مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ بِاللِّسَانِ، وَيَفْرَغُ مِنْهَا، مَعَ فَرَاغِهِ مِنْهُ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُجِبْ هَذَا، بَلْ لَا يَجُوزُ لِئَلَّا يَخْلُوَ أَوَّلُ التَّكْبِيرِ عَنْ تَمَامِ النِّيَّةِ.
فَعَلَى هَذَا قِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقَدَّمَ النِّيَّةُ عَلَى التَّكْبِيرِ، وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ لَا يَجِبُ ذَلِكَ، بَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْمُقَارَنَةِ، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ أَمْ لَمْ يُقَدِّمْ، يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ إِلَى انْقِضَاءِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ.
وَالنِّيَّةُ: هِيَ الْقَصْدُ فَيَحْضُرُ الْمُصَلِّي فِي ذِهْنِهِ ذَاتَ الصَّلَاةِ، وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ مِنْ صِفَاتِهَا كَالظُّهْرِيَّةِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. ثُمَّ يَقْصِدُ هَذِهِ الْعُلُومَ، قَصْدًا مُقَارِنًا لِأَوَّلِ التَّكْبِيرِ.
وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَاقِضٍ لَهَا، وَلَوْ نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، الْخُرُوجَ مِنْهَا، بَطَلَتْ. وَإِنْ تَرَدَّدَ فِي أَنْ يَخْرُجَ أَوْ يَسْتَمِرَّ بَطَلَتْ، وَالْمُرَادُ بِالتَّرَدُّدِ: أَنْ يَطْرَأَ شَكٌّ مُنَاقِضٌ لِلْجَزْمِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَجْرِي فِي الْفِكْرِ، أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ، كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوَسُ، وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَلَا مُبَالَاةَ بِذَلِكَ، قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ.
وَلَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى الْخُرُوجَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بِشَيْءٍ يُوجَدُ فِي صَلَاتِهِ قَطْعًا، بَطَلَتْ فِي الْحَالِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَى الشَّاذِّ لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ، بَلْ لَوْ رَفَضَ هَذَا التَّرَدُّدَ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إِلَى الْغَايَةِ الْمَنَوِيَّةِ، صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ بِدُخُولِ شَخْصٍ وَنَحْوِهِ، مِمَّا يُحْتَمَلُ حُصُولُهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمُهُ، بَطَلَتْ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ هَكَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْخُرُوجَ
1 / 224