187

Rawdat Talibin

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

الْقَدْرِ الْمَاضِي مِنَ الْوَقْتِ. إِنْ كَانَ قَدْرًا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَجَبَ الْقَضَاءُ، إِذَا طَهُرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا: أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا إِذَا أَدْرَكَتْ جَمِيعَ الْوَقْتِ. ثُمَّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُعْتَبَرِ: أَخَفُّ مَا يُمْكِنُ مِنَ الصَّلَاةِ. حَتَّى لَوْ طَوَّلَتْ صَلَاتَهَا فَحَاضَتْ فِيهَا وَقَدْ مَضَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لَوْ خَفَّقَهَا وَجَبَ الْقَضَاءُ.
وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ مُسَافِرًا فَطَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ، بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَقْصُورَةِ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ، لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَصَرَ أَمْكَنَهُ أَدَاؤُهَا. وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ إِمْكَانِ فِعْلِهَا، إِمْكَانُ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ، إِلَّا إِذَا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ طَهَارَةِ صَاحِبِ الْوَاقِعَةِ. كَالْمُتَيَمِّمِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ فِي (التَّتِمَّةِ) فِي اشْتِرَاطِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ، لِمَنْ يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُهَا وَجْهَيْنِ، وَهُمَا كَالْخِلَافِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ. وَلَا فَرْقَ، فَإِنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّقْدِيمُ فَلَا يَجِبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَاضِي مِنَ الْوَقْتِ لَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعُ الْجَمَاهِيرُ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: حُكْمُ أَوَّلِ الْوَقْتِ، حُكْمُ آخِرِهِ. فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ أَوْ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ.
أَمَّا الْعَصْرُ فَلَا يَجِبُ بِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ، وَلَا الْعِشَاءُ بِإِدْرَاكِ الْمَغْرِبِ. وَلَوْ أَدْرَكَ جَمِيعَ وَقْتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ.
وَقَالَ الْبَلْخِيُّ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ طَرَأَ الْعُذْرُ، لَزِمَهُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ جَمِيعًا. كَمَا يَلْزَمُ الْأُولَى بِإِدْرَاكِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ، لَا يَصْلُحُ لِلْعَصْرِ، إِلَّا إِذَا صَلَّيْتَ الظُّهْرَ جَمْعًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ، إِذَا أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا، لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِهِ. بَلْ لَوْ كَانَ الْمُدْرِكُ مِنْ وَسَطِهِ لَزِمَتِ الصَّلَاةُ، مِثْلُ إِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَعَادَ جُنُونُهُ فِي الْوَقْتِ، أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ ثُمَّ جُنَّ، أَوْ أَفَاقَتْ مَجْنُونَةٌ

1 / 189