Rawdat Talibin
روضة الطالبين وعمدة المفتين
Investigator
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1412 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
ثُمَّ الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ الْمُؤَثِّرَةِ، تَغَيَّرَ أَمْ لَا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤَثِّرَةِ، كَالْمَيْتَةِ الَّتِي لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً، وَنَجَاسَةٍ لَا يُدْرِكُهَا طَرْفٌ، وَوُلُوغِ هِرَّةٍ تَنْجُسُ فَمُهَا ثُمَّ غَابَتْ وَاحْتُمِلَ طَهَارَتُهُ، فَلَا يَنْجُسُ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا سَبَقَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَسَيَأْتِي الْأُخْرَيَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاخْتَارَ الرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إِلَّا بِالتَّغَيُّرِ، وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ، الْأَوَّلُ.
وَأَمَّا الْكَثِيرُ، فَيَنْجُسُ بِالتَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ لِلْإِجْمَاعِ، سَوَاءً قَلَّ التَّغَيُّرُ أَمْ كَثُرَ، وَسَوَاءً تَغَيَّرَ الطَّعْمُ أَوِ اللَّوْنُ أَوِ الرَّائِحَةُ، وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ هَاهُنَا، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّاهِرِ. وَسَوَاءً كَانَتِ النَّجَاسَةُ الْمُلَاقِيَةُ مُخَالِطَةً أَمْ مُجَاوِرَةً، وَفِي الْمُجَاوَرَةِ وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُهُ.
وَأَمَّا إِذَا تَرَوَّحَ الْمَاءُ بِجِيفَةٍ مُلْقَاةٍ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ، فَلَا يَنْجُسُ، لِعَدَمِ الْمُلَاقَاةِ، وَإِنْ لَاقَى الْكَثِيرُ النَّجَاسَةَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لِقِلَّةِ النَّجَاسَةِ وَاسْتِهْلَاكِهَا، لَمْ يَنْجُسْ، وَيُسْتَعْمَلُ جَمِيعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى وَجْهٍ يُبَقَّى قَدْرُ النَّجَاسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِمُوَافَقَتِهَا الْمَاءَ فِي الْأَوْصَافِ، قُدِّرَ بِمَا يُخَالِفُ، كَمَا سَبَقَ فِي (بَابِ الطَّاهِرِ) . وَأَمَّا إِذَا تَغَيَّرَ بَعْضُهُ، فَالْأَصَحُّ نَجَاسَةُ جَمِيعِ الْمَاءِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي (الْمُهَذَّبِ) وَغَيْرِهِ. وَفِي وَجْهٍ لَا يَنْجُسُ إِلَّا الْمُتَغَيِّرُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَصَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» وَآخَرُونَ: أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ، كَنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ. فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ قُلَّتَيْنِ، فَنَجِسٌ وَإِلَّا، فَطَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِنْ زَالَ تَغَيُّرُ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ بِنَفْسِهِ، طَهُرَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا يَطْهُرُ. وَهُوَ شَاذٌّ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ، لِطَرْحِ الْمِسْكِ
1 / 20